مقالات

محمد ابراهيم الشوش يكتب عن السلوك العدواني الإرتري ضد السودان

27-Jun-2005

الرأي العام

الكاتب السوداني المعروف محمد ابراهيم الشوش في عموده اليومي المقروء ( علامات استفهام ) بصحيفة الرأي العام السودانية الصادرة يوم الإثنين 27/6 استعرض الدور الإرتري في زعزعة الإستقرار في السودان ودواعيه ومسبباته ويسر موقع عدوليس إعادة نشره تعميماً للفائدة :

خط الهجوم على كسلا للفاشر لطوكر مثل الاغلبية الساحقة من الشعب السوداني المسالم بطبعه، لا أدعو لحرب أو صراع أو خصومة بين السودان واريتريا. ولا أرى أية مصلحة يمكن ان تعود على الشعبين من وراء ذلك. وليس هناك أغلى أمنية عندى من أن ينعم الشعبان بالأمان الذي يتيح لكليهما التفرغ للتنمية وازالة اسباب الغبن والتخلف. وكلاهما يقبعان في القاع وأمامهما طريق طويل صعب وشاق. وهذا التحرش الاستفزازى المستمر واللا مبرر من قبل اريتريا لا يخدم ولا يمكن ان يخدم الشعب الاريترى الذي له من المشاغل ما يكفيه أو يصب في مصلحة النظام الحاكم فيها. ولا هو من قبيل تسديد حسابات قديمة وضغائن تاريخية ونزاعات حدودية كالذي أدى الى المغامرة الكارثية الخاسرة التي خاضها النظام الاريترى ضد اثيوبيا، التي يبلغ عدد مواطنيها عشرة اضعاف مواطنى اريتريا. ولا هو ينبع من رغبة في مساعدة السودان لتحقيق التحول الديمقراطي كما يوحي الفكر السياسي السقيم لبعض قادة المعارضة السودانية. وفاقد الشيء لا يعطيه. ولو كان لدى النظام الاريترى أدنى حرص على الديمقراطية لوفرها لشعبه أولاً. وأعجب لنظام يمارس حكماً شمولياً فاشياً في بلده، ويضع امكانات بلده الضئيلة لتحقيق الديمقراطية في بلد آخر. التفسير الوحيد لهذا السلوك العدواني انه يخدم مخططاً أجنبياً مدفوع الثمن أو مؤجلاً لا صلة له بمصلحة الشعب الاريترى. وهو دور خطير لا يخضع لصوت العقل لأنه تكليف خارجي لا يقبل التعديل أو النكوص عنه. ولهذا فلا يجدى معه نقاش أو اقناع. لا الكلام الجميل والغناء الشجي عن حسن الجوار، ورابطة القربى بين شعبين شقيقين يتشابهان في المظهر والمخبر، ويرتبطان بحس ووجدان مشترك لا يتاحان حتى لدولة داخل حدود واحدة. ولا الدروس القاسية من استعداء اثيوبيا الذي أوشك ان يؤدي الى سحق الجيش الاريترى، وضياع مكاسب الاستقلال وتحويله الى مأتم. ولا تجربة استفزاز اليمن الراسخ الكيان في مواجهة دويلة لم تبلغ الفطام. والمخطط المرسوم الذي تمثل اريتريا أحد أهم أركانه لن يتحقق إلا في أدمغة شلها السكر والحمق. ولكنه مع ذلك ــ وبرغم فشله المحتوم في النهاية ــ يمثل أخطر ما يواجهه السودان. بل أخطر من أي قرار يتخذه أبناء الجنوب بالانفصال. لأنه ينشب أنيابه في أطراف السودان كما ينقض حيوان مفترس صغير الحجم على حيوان ضخم الجثة قد لا يقتله ولكنه يدميه ويعوقه. والطريق لمواجهة هذا العداء يبدأ بإزالة العامل الوطني المحلي. فاريتريا لا تهاجم السودان مباشرة وانما عن طريق عملاء محليين عن طريق استغلال مشاعر التهميش والغبن ومشاعر الظلم التي تعاني منها بعض القبائل وتدس بينهم عملاءها وخبراءها. وتقوم باعدادهم وتدربهم بغرض الهجوم المباغت علي مركز من المراكز للقيام بأكبر قدر من التخريب ثم الهرب مما يدفع قوات الأمن لتعقبهم وعندها تبدأ الحملة الاعلامية باستعداء الغرب الذي يملك مفاتيح اثارة المجتمع الدولى بحجة قصف المدنيين الأبرياء. وهذا ما حدث بالضبط حين جاء الهجوم المفاجىء على مطار كسلا الذي قصد به ان يكون نقطة انفجار الوضع في الشرق وتحرك أبناء البجة ولكن اطماع الحركة الشعبية بعد الاستيلاء على همشكوريب لوضع يدها على أكبر مساحة من الشرق بما في ذلك السيطرة على انابيب النفط والميناء، غير مجرى المخطط وجعل المتآمرين يتجهون لبدء المعركة في دارفور بالهجوم المفاجىء هذه المرة على الفاشر وتدمير مطارها وايقاع خسائر كبيرة بقوات الأمن وقد تم ذلك على أيدى قادة كانوا يخططون من اسمرا.الآن وقد أصبح للحركة وضع فوقي جديد تم الاستعداد لفتح جبهة الشرق وانفجر القتال قرب طوكر بنفس الطريقة التي تم بها في كسلا والفاشر وبصورة طبق الأصل، واكتمالاً للخطة اعلن المتمردون من اسمرا نجاحهم في تدمير ثلاث حاميات عسكرية وأسر عدد من الضباط والجنود متهمين حكومة السودان بقصف المدنيين الأبرياء لعدم تمكن جنودها من مواجهة قواتهم المنيعة وخوفهم من دفاعاتها.. وان جنود الحكومة قتلوا كل الحيوانات الحية. ولاعطاء التأثير المطلوب أدعى قادة المتمردين ان جنود الحكومة هم انفسهم الذين قتلوا المتظاهرين في بورتسودان في يناير الماضي. وها نحن في انتظار تصريحات جميعات الاغاثة وهيئات حقوق الانسان الغربية واعضاء الكونغرس الأمريكي والسيد كوفي عنان وسيل التهديد والوعيد وارسال جنود اضافيين من افريقيا تضم فيلقاً من اريتريا. وفي عرض المعركة – صدفة طبعاً – المنسق الميداني لشرق السودان التابع للجنة الانقاذ الدولية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. وقد اعلن فرحة المواطنين بانتصار القوة المتمردة وقال «كنا نأكل لحوماً طوال الاسبوع». وقد ذكرت الصحف ان تفاقم الأوضاع «في طوكر» شكل أهم موضوعات التفاوض بين وزير الخارجية السوداني وزوليك، الموفد الأمريكي الذي شرح للوزير الخطوات الأمريكية لوقف العنف ومنها مشاورات بين السفير الأمريكي في ارتيريا وحكومة اسمرا وقبائل البجة بالاضافة لجهود زعيم الحركة الشعبية. وهو تجمع اقرب ما يكون لمجلس حرب منه للجنة سلام وتهدئة. وهكذا تلعب اريتريا الدور الرئيسى مستغلة مواطنين سودانيين بعضهم مدفوع باحساس الغبن والظلم وهؤلاء يجب رفع الظلم عنهم. وبعضهم يدفعه الى ذلك مطمع في مال أو جاه او سلطة ويغريهم ما يجدونه من تهاون وهؤلاء يجب ردعهم بالقانون. وفي كل بلاد العالم قوانين تعاقب على الخيانة ومناصرة أعداء الوطن، ويتطلب ذلك اصدار اعلان سيادى ليعلن اريتريا دولة معادية بما يعني تصنيف اتباعها ومناصريها. حينئذ يبدأ التفرغ لمواجهة اريتريا ومواجهة عدوانها ولذلك – ان صبرتم – وجوه كثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى