مقالات

علاقتي بكتبي : ابوبكر كهال *

27-Apr-2012

المركز

ويقول الروائي ابوبكر حامد كهال كلما كان الحديث عن علاقتي بكتبي، أو حنيني إليها يزيد هذا الحديث من دقات قلبي، ربما يرجع السبب إلى هاجس الرحيل الدائم.. أو ربما إلى إحساسي بافتقاري الأبديّ إلى سقف يأوينى. لم أمتلك – قطّ- مفتاحاً لبيتٍ خاصّ يحتضن كتبي. وبهذا المعنى، فإن كل كتبي ومخطوطاتي قد ولدت في العراء تقريباً.

دائماً كُنّا – أنا وهي- تحت وقع التهديد بقدوم الريح الطاردة، كان عليّ أن أحرص على إرخاء حواسي لتلتقطَ أُذناي إشارة الرحيل.ويضيف كهال هذه الحالة جعلت من علاقتي بكتبي تضامنية، لكونها باتت علاقة طريدٍ بطريدة، أنا وهي – إذن- طريدتان، ولكن ليس من نوع تلك الطرائد التى تهرب أمام الصياد غريزياً، بل نهرب تحت ضغط الوعي بمصير ليس جيداً. وان تلك العلاقة تترسخ كأن بين كائنين، حين نعلم أنها عبرت معى حين كانت – مخطوطات – خفية، وعلى الأقدام حدود دولية خطرة. تتراوح فيها الخطورة بين الدخول في حقول الغام أو الموت ببنادق الحرس أو الانتهاء في أشداق كلاب الصحارى الضامرة. وبينما كنت ومخطوطاتي نعبر ليلا حدود بلاد بعيدة، كانت بعض من نسخ كتبي تعبر سرا الحدود إلى بلدى. ليقع بعضاً منها في أيدى المخابرات وهى الآن تقبع في الأدراج هناك كأثمن معتقل عندهم.كل هذه الأمور تجعلنى أرجع إلى تلك الطرائد من وقت إلى آخر.. أقرأ ربما صفحاتٍ من: “التيتانيكات”، ومثلها من” بركنتيا”، أو” رائحة السلاح”، أحاور الشخوص، وأحفر رسمها في ذهني مخافة أن أفقد تلك الكتب عندما أغادر المكان على عجل.. ودائماً كان الرحيل يقتطع ضريبته ينتزعها على شكل أشلاء مني.. يفقدني أجزاء من مخطوطة ما أو مشاريع لأعمال مؤجلة.وأذكر خلال عامين ونصف اضطررت للرحيل، والسكن في أكثر من أربعة مساكن.. وكل رحيل كان يقتطع ضريبته من أوراقي التى تحوى مشاريعي المؤجلة.. كنت أكتشف ضياع المزيد من أوراقي وكان ذلك مؤلماً.*نشرت هذه المادة للكاتب الروائي أبوبكر كهال بـ ( العرب أون لاين ) – بتاريخ 24/4/2012 بمناسبة اليوم العالمى للكتاب الذي تحتفل به اليونسكو في 23 إبريل من كل عام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى