مقالات

العاشر من ديسمبر ومحنة المعتقلين الإريتريين : عبد الله محمود*

10-Dec-2010

المركز

يحتفل العالم اليوم ،العاشر من ديسمبر ،باليوم العالمي لحقوق الإنسان تخليداً لذكرى نشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وتشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبرعام 1948م ، والذي أطر لأساسيات حقوق الإنسان وتفرعت منه العهود والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الإنسان .

تمر علينا هذه الذكرى وأوضاع حقوق الإنسان في المنطقة تشهدا تراجعاً مشهوداً في كل مجالاتها ، وإريتريا كعادتها تتذيل المنطقة بأسرها في أوضاع حقوق الإنسان، حيث ما زال الآلاف من المعتقلين ( تقدرهم بعض المصادر بعشرين الف معتقل ) ينتمون إلى شرائح المجتمع المختلفة من سياسيين ومعلمين ودعاة مسلمين ورجال دين مسيحيين وإعلاميين وعسكريين ونساء ،ومجندي الخدمة القسرية الخ ) يقبعون في معتقلات سرية لسنوات قاربت العشرين دون أن توجه إليهم إتهامات ،و دون أن يقدموا لمحاكمات ، ولم يسمح يسمح لذويهم بزيارتهم فيما يعرف حسب ادبيات حقوق الإنسان بالإختفاء القسري وتتردد معلومات لم يتسن التأكد منها عن إعدامات جماعية طالت المئات منهم، وقد قدم مركز سويرا لحقوق الإنسان وعدد من المواقع الإلكترونية التابعة لتنظيمات المعارضة قائمة بأسماء المئات منهم .
هذه الماساة جعلت آلاف الأسر تتدثر برداء الحيرة على مصير عائليها وابنائها ولا تجد من يضمد جرحها الغائر ولو بمعلومة محدودة، فها هو شقيق المعتقل محمدنور أبرار ظل يعبر عن حيرة أسرته بكتابة مقال سنوي في الخامس من ديسمبر يتحدث فيه عن ظروف اعتقال شقيقه حيث قال فيه (عندما اجتمع أفراد الأسرة في البيت حول مائدة الغداء في مثل هذا اليوم الإثنين 5/12/1994م، كانت الجلسة الأخيرة التي جمعتنا به ، مع أنه لم يشاركنا الغداء في ذلك اليوم .. لأنه كان صائماً كعادته كل إثنين وخميس .. وغادرنا لأداء صلاة العصر بمسجد ” الخلفاء الراشدين ” ولم يعد !!وفي الرابعة والنصف عصراً خرج من المسجد مع صديقٍ له ، وعند خروجهما يعترض طريقهما شخصان مجهولان ويأمران أخانا لوحده بالصعود إلى السيارة ” لاندكروزر” . وكانت رحلة دافعة لإثارة هذا التساؤل التالي … أين أخونا محمد نور وأصحابه الذين تعرضوا لإختطافات مماثلة في أسمرا وكرن وغيرهما من المدن الإرترية، ولايعرف مصيرهم حتى اليوم!؟ ).
وشقيق المعتقل أبرار يعبر في مقالاته هذه عن آلاف من الأسر التي تتجرع مرارة القهر على مصائر أبنائه ولا تعرف أأحياء هو فيرجون أم موتى فينعون.
ورأس النظام الإريتري ظل متمترسا بصمته اللئيم عن الخوض في هذا الملف ويرفض الحديث عن هؤلاء المعتقلين في جميع المقابلات التي تجريها معه وسائل الإعلام بل وينكر أحياناً معرفته باعتقالهم دون مراعاة لآلاف لأسر التي تترقب بلهفة أي خبر يطمئنها على مصائر أبنائها .
المعلومات الوحيدة التي تسربت من خلف أسوار النظام الإريتري العالية حول ملف المعتقلين كانت إفادات رئيس وحدة حراسة سجن عيراعيرو إيوب بهتا قبرماريام الذي هرب إلى أديس ابابا العام الماضي و كشف معلومات خطيرة عن اوضاع المعتقلين وكشف وفاة عدد منهم لعدم توفر العناية الصحية الملائمة .
أما بشأن أماكن اعتقال هؤلاء فقد أورد مركز سويرا في تقرير للعام 2008م أن المعتقلات والسجون (سيئة جدا وبُنيت وصممت أصلا لتؤثر سلبا على الأوضاع النفسية والجسدية للمعتقلين- ً. فالسجون التي يُحتجز فيها سجناء الضمير بُنيت في مناطق درجات الحرارة فيها مرتفعة جداً، أو شيدت زنازينها تحت الأرض أو تستخدم فيها حاويات الشحن كزنازين.) ويمضي التقرير نقلاً عن إفادات لمحقق عمل في عدد من السجون قائلاً ( ويعاني السجناء من سوء التغذية. وبسبب التعذيب النفسي حيث لا يسمح للمعتقلين بالزيارات ويحتجز عدد منهم في زنازين انفرادية ولا يعرفون الفترات التي سيقضونها في المعتقل انتشرت في السجون الأمراض النفسية وقد ترك المرضى دون أية عناية طبية. ..كما لا يسمح لهم الخروج لقاء حلججتهم إلا مرة واحدة في اليوم ).
وعن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلين يقول التقرير : (وتشتمل وسائل التعذيب المعروفة على الجلد بالعصي الكهربائية وخراطيم المياه والسياط، والتوقيف في الشمس في منتصف النهار، وربط اليدين والرجلين على شكل الرقم (8) والربط بالطريقة المعروفة بـ( الهيلكوبتر) والربط على الأشجار، والإجبار على الدخول في مغاطس تحتوي على مياه شديدة البرودة، والضرب بالعصي على الأقدام وعلى الراحتين. وللمحقق بالإضافة إلى تلك الوسائل أن يمارس أي شكل يخطر بباله من أشكال التعذيب).
وبمناسبة الذكرى الثامنة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان نناشد جميع المنظمات الدولية والمعنية بحقوق الإنسان ضرورة الإهتمام بمعاناة آلاف المعتقلين في سجون أفورقي والضغط عليه لإطلاق سراحهم والسماح للمنظمات الدولية بزيارة أماكن احتجازهم وإبلاغ ذويهم بمصير أبنائهم ، وأماكن أعتقالهم في حال بقائهم على قيد الحياة .
كما ندعو كافة منسوبي النظام الذين هربوا إلى الخارج بأن يحذو حذو حارس سجن عيراعيرو الذي كشف عن معلومات مهمة تتعلق بمصير عدد من المعتقلين والإفراج عن المعلومات التي بحوزتهم عن المعتقلين .
كما ندعو قوى المعارضة الإريترية، والمواقع الإلكترونية للقيام بحملات دبلوماسية وإعلامية منظمة لتعريف المجتمع الدولي بهذه الجريمة النكراء التي يتعرض لها آلاف الإريتريين في السجون المعتقلات علها تسهم في لفت إنتباه العالم لهذه المحنة التي تطاول عهدها .
نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية -10ديسمبر2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى