مقالات

الفشقة ونذر الحرب ! بقلم/ صالح م. تيدروس

3-Jan-2021

عدوليس

في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر نقلت الينا الأخبار فشل المفاوضات السودانية الاثيوبية حول ترسيم الحدود بين البلدين في منطقة الفشقة حيث أفادت مصادر سودانية بان الوفد الاثيوبي طلب انسحاب الجيش السوداني من المناطق التي استولى عليها في حين رفض الجانب السوداني هذا الطلب على خلفية ان الجيش السوداني يتحرك داخل أراضيه السيادية وان الحدود مرسومة منذ العام 1903 الامر الذي أدى الى فشل التفاوض بين البلدين.

قد يبدو هذا الخبر عاديا ويندرج في إطار المماحكات السياسية بين البلدين وفق التطورات الميدانية في منطقة الحدود. ولكن بالنسبة للعارفين ببواطن الأمور والملمين بالحقائق التاريخية يدركون بلا شك الألغام المفخخة التي تنطوي عليها مثل هذه الاخبار.بادئ ذي بدء يتساءل المرء ماذا حدث بالضبط؟ ولماذا افتعلت هذه الأزمة في هذا الوقت؟ وهل هناك نزاع حدودي بين البلدين؟ وما هي خلفيات القضية؟ في محاولة لتلمس الإجابة على هذه التساؤلات دعونا نعود الى الخلف ونسترجع بعض حقائق التاريخ. فالسودان كغيره من البلدان الأفريقية الأخرى ظهر الى الوجود بحدوده المتعارف عليها حديثا (بما في ذلك جنوب السودان) نتيجة التقسيمات الجيوسياسية التي قامت بها الدول الاستعمارية للقارة السمراء في القرن التاسع عشر. فالإنجليز مثلهم مثل الدول الاستعمارية الأخرى عندما كانوا ينشؤون مستعمراتهم لم يضعوا في الحسبان التداخل السكاني والروابط الاجتماعية والمصالح الاقتصادية للشعوب التي استعمروها بل انصب تفكيرهم في كيفية إدارة تلك المستعمرات بالشكل الأمثل حيث نجدهم قد اقاموا مستعمرة كبرى في الهند تزيد مساحتها عن 4 ملايين كيلومتر مربع (شبه القارة الهندية) ومستعمرة صغرى لا تتجاوز مساحتها 80 ألف كيلومتر مربع في هونغ كونغ. والحال كذلك بالنسبة لأفريقيا حيث تشكل السودان الحديث من مساحة مليون ميل مربع بينما شكلت مملكة ليسوتو في الجنوب الافريقي في مساحة نحو 11 ألف ميلا مربعا. اما بالنسبة لإثيوبيا فالأمر يختلف قليلا حيث ان الإمبراطور منليك الثاني اجتاح بجيشه عددا من المناطق في جنوب وغرب وشرق (شوا) واخضع شعوبها بالقوة ليؤسس بذلك ما يُعرف الان بجمهورية اثيوبيا. ولم تعرف اثيوبيا الاستعمار الأوروبي الا مدة قصيرة ما بين عامي 1936 و1941 عندما اجتاح الايطاليون العاصمة اديس ابابا.
وقد اقرت الدول الاستعمارية الاوروبية (بريطانيا، إيطاليا، فرنسا) فعليا بسيادة اثيوبيا من خلال المعاهدات التي وقعتها مع منليك الثاني لترسيم الحدود بين مستعمراتها في كل من السودان وكينيا والصومال الإيطالي والصومال البريطاني والصومال الفرنسي وارتريا. وكان الأمر المستحدث ان الدول الاستعمارية قد أدخلت أسلوبا جديدا في ترسيم الحدود لم يكن متعارف عليه في الممالك القديمة حيث يتم اجراء المسح الجغرافي ووضع العلامات الحدودية على الأرض في مواقع مميزة ومنصوصة في الاتفاقيات المبرمة. وقد ساهم هذا الأسلوب العلمي في ترسيم الحدود على عزل المستعمرات عن بعضها البعض ونمو المشاعر الوطنية داخل كل مستعمرة الأمر الذي قاد في نهاية المطاف الى ظهور الحركات الوطنية المطالبة بالاستقلال حيث نجحت هذه المستعمرات في انتزاع استقلالها واحدة تلو الأخرى في النصف الثاني من القرن العشرين بنفس الحدود التي رسمها المستعمر. وقد اتفق القادة الأفارقة في الدول المستقلة حديثا (قمة اديس ابابا عام 1963) على عدم المس بهذه الحدود حتى لا تجرهم الى نزاعات جديدة حيث تضمن ميثاق تأسيس منظمة الوحدة الافريقية فقرة بهذا الخصوص.
ومن هنا يمكن القول بان الدول الأفريقية الحديثة لم يكن لها دور في ترسيم حدودها بل ورثت تلك الحدود من المستعمر وتعهدت بالحفاظ عليها باستثناء اثيوبيا التي ساهمت بشكل او باخر في ترسيم حدودها بنفسها وكانت من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الافريقية والتي دعت للحفاظ على تلك الحدود الموروثة. علما بأن اثيوبيا كانت قبل عام من قمة اديس ابابا الشهيرة المشار اليها، قد الغت الاتحاد الفيدرالي وضمت ارتريا اليها قسرا ومن خلال التحايل وأساليب الترهيب والترغيب لأعضاء البرلمان الاريتري.
فيما يتعلق بالحدود بين السودان واثيوبيا فقد تم رسمها بعد فترة طويلة من الجدل والمراوغة بين الامبراطور منليك الثاني وإدارة المستعمرات البريطانية في كل من مصر والسودان. ويرجع ذلك أساسا الى ظهور الحركة المهدية في السودان والخسائر التي منيت بها قوات الاحتلال الإنجليزي المصري للسودان في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. فقد شجعت انتصارات المهديين في السودان الامبراطور منليك على ارسال تعميم الى قادة الدول الأوروبية في 15 أبريل 1891 حدد فيه الحدود الفعلية لامبراطوريته وأيضاً ما اعتبره منطقة نفوذه. وجاء في التعميم أن الحدود الشمالية الغربية للحبشة تمتد من مدينة تومات الواقعة عند ملتقى نهري ستيت وعطبرة إلى كركوج على النيل الأزرق وتشمل مديرية القضارف. وأعلن منليك عن عزمه استعادة حدوده القديمة التي تمتد شرقاً حتى الخرطوم وجنوباً حتى بحيرة ڤكتوريا. وكان ذلك بمثابة تحدي واضع للإدارة البريطانية. ويبدو أيضا ان انتصار الامبراطور منليك الثاني على الإيطاليين في معركة عدوا الشهيرة عام 1896 جعله أكثر ثقة بنفسه لتحدى القوى الاستعمارية الأوروبية. استخدم الانجليز الدبلوماسية الهادئة والمكر السياسي في التعامل مع طموحات منليك فأرسلوا اليه مندوبا يدعى (جون لين هارنغتون) ليشغل منصب السفير البريطاني في اديس ابابا الذي تولى منصبه في أوائل عام 1898. وشرع هارنغتون في التفاوض مع منليك ولكنه اكتشف ان الامبراطور منليك يمارس سياسة فرض الامر الواقع (de facto) لتحقيق حدوده المعلن عنها في تعميم عام 1891. وتوصل بالاتفاق مع اللورد كرومر المندوب البريطاني في مصر الى خلاصة انه لا يمكن وضع حد لطموحات الامبراطور منليك الا من خلال صدمة كبيرة دون الحاجة الى مواجهته بشكل مباشر. وتمثلت هذه الصدمة في الحاق الهزيمة بالمهديين في السودان وإعادة النفوذ الإنجليزي المصري مرة أخرى وهو الامر الذي حدث بالفعل بنهاية العام 1899. وبالفعل أدت الصدمة مفعولها حيث تنازل الامبراطور منليك الثاني في مفاوضاته مع هارنغتون عن طموحاته السابقة والقبول بالعرض الإنجليزي لترسيم الحدود. ودون غيرها من المناطق أصر الامبراطور منليك على عدم التناول من منطقتي بني شنغول والمتمة. الأولى لوجود مناجم الذهب فيها والثانية لاعتبارات عاطفية حيث تعتبر المتمة رمزا مهما لأثيوبيا بحكم ان الامبراطور يوهنس قتل فيها.
لم يجادل الانجليز كثيرا إزاء تعنت الامبراطور منليك فقبلوا بفكرة التنازل عن بني شنقول مقابل السماح للشركات البريطانية للتنقيب فيها وتقسيم المتمة الى جزئين شرقي يتبع لاثيوبيا وغربي يتبع للسودان. وهكذا تم التوصل الى اتفاقية اديس ابابا في الـ 15 من مايو عام 1902. بعد هذا الاتفاق كلفت الإدارة البريطانية المهندس (تشارلز قوين Charles Gwynn) وهو مهندس مساحة إيرلندي عمل لعدة سنوات في اجراء المسح الجغرافي للمناطق الحدودية بين السودان واثيوبيا بتنفيذ عملية ترسيم الحدود على ان يرسل الامبراطور منليك فريق من الفنيين يمثل اثيوبيا ينضم الى فريق (قوين) لترسيم الحدود بكل مشترك.
لم يكن منليك يملك فريقا فنيا من مهندسي المساحة فهو وان كان قد شجع على التعليم في امبراطوريته الا ان الوقت غير كافي لانتاج مثل هؤلاء المهندسين لذا كان الأسلوب الاقطاعي التقليدي هو السائد في إدارة الحكم بشكل عام وفي مثل هذه المجالات بشكل خاص فاضطر الى ابلاغ الانجليز بانه يعرف المهندس قوين وانه يثق فيه ويمكن ان يقوم بترسيم الحدود ممثلا للبلدين. وهكذا شرع قوين وفريقه في ترسيم الحدود بين السودان واثيوبيا مستهلا بنقطة ملتقى الحدود الثلاثية مع ارتريا وصولا الى النيل الأزرق وهو الخط الذي عُرف لاحقا بخط قوين ويشكل الفاصل الحدودي الرسمي بين السودان واثيوبيا والمعترف به دوليا حتى هذا اليوم.
وثمة ملاحظات هامة:
•كُتب نص الاتفاقية المذكورة باللغتين الامهرية والانجليزية •قبيل التوقيع على الاتفاقية أرسل الامبراطور منليك مستشاره الخاص المهندس السويسري (الفريد ايلكَ) الى المندوب البريطاني (جون هارنغتون) بنص معدل للاتفاقية باللغة الامهرية يقترح فيها اجراء بعض التعديلات في الخط الحدودي كما يقترح بان هذه الاتفاقية تستمر لعشر سنوات وبعد ذلك يحق لكل طرف التنصل عنها بعد ابلاغ الطرف الاخر قبل ستة أشهر. هذه الاقتراحات لم تلقى القبول لدى المندوب البريطاني فاضطر منليك الى القبول بالاتفاقية كما هي.
•ربطت هذه الاتفاقية باتفاقيات أخرى وُقعت بين بريطانيا وإيطاليا لترسيم الحدود بين ارتريا والسودان وبين إيطاليا واثيوبيا لترسيم الحدود بين اثيوبيا وارتريا. والربط هنا متعلق بتحديد نقطة التقاء الحدود الثلاثية. وفي هذا الجانب كانت كل من بريطانيا وإيطاليا قد اتفقتا على ان تكون نقطة التقاء الحدود (تودلوك) حيث عُرض المقترح على الإمبراطور منليك الذي طالب بتغييرها الى النقطة الحالية وهي نقطة التقاء خور ام حجر مع نهر سيتيت فكان له ما أراد.
•يدّعي عدد من الكتاب والباحثين الاثيوبيين المعاصرين بان اثيوبيا لم توافق على تلك الاتفاقية ولم تشارك في ترسيم الحدود حيث تم رسم الحدود من جانب واحد أي (قوين) وفريقه الذي كان يمثل الإدارة البريطانية. ويقول البعض الأخر ان هناك اختلاف بين النص الأمهري والنص الإنجليزي من الاتفاقية. وربما يكون لهذا الادعاء علاقة بالتعديلات التي اقترحها منليك ورفضها هارنغتون لانها كانت مكتوبة باللغة الأمهرية.
وماذا حدث على الأرض:؟ خلال أكثر من 50 عاما بعد اتفاقية 1902 وفي ظل وجود الانتداب البريطاني في السودان لم يتم اثارة موضوع الحدود على الإطلاق بل وشهدت العلاقة حميمية وتعاونا، فقد كان السودان هو الملجأ الذي احتمى به العديد من رموز الحكومة الاثيوبية عندما احتل الايطاليون اثيوبيا خلال الفترة من عام 1936 الى عام 1941 كما ان الامبراطور هيلي سلاسي عاد الى اثيوبيا من منفاه في بريطانيا بعد انتهاء الاحتلال الإيطالي، عبر الأراضي السودانية.
ولكن في العام 1957 أي بعد اعلان استقلال السودان وبدء خروج قوات الاحتلال الانجليز من السودان بعام واحد تسلل عدد كبير من الفلاحين الاثيوبيين الى منطقة الفشقة وشرعوا في زراعتها وكأنهم كانوا ينتظرون خروج القوات الإنجليزية بفارق الصبر. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الفشقة ساحة للمناوشات السنوية بين المزارعين الاثيوبيين والسودانيين. وبمضي الوقت اتسعت رقعة الأراضي التي يستولي عليها المزارعون الأثيوبيون سواء عبر تأجيرها من المزارعين السودانيين او من خلال طردهم منها باستخدام مليشيات مسلحة تعرف محليا باسم (الشفتا). وفي العام 1995 بعيد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في اديس ابابا توغلت المليشيات الاثيوبية في أراضي الفشقة أكثر واستولت على المزيد من الأراضي الزراعية. وطوال السنوات الستين الماضية دأبت الحكومات المتعاقبة في السودان على التقليل من شأن تلك المناوشات الحدودية السنوية بين المزارعين في البلدين وغالبا ما كان يتم تهدئتها عبر لقاءات جانبية ولجان مشتركة تتفق على بعض الترتيبات ثم يعود التوتر مرة أخرى. ويعتبر التطور الأخير أي قيام الجيش السوداني بالزحف على منطقة الفشقة وطرد المليشيات المسلحة منها واعلانه بانه يمارس حقوقه السيادية على أراضيه هو الأول من نوعه فيما يتعلق بهذه المنطقة.
الأبعاد السياسية لقضية الفشقة:
منذ استقلال السودان وحتى الوقت الراهن شكلت الفشقة ترمومتر قياس درجة حرارة العلاقات بين الخرطوم واديس ابابا. فكلما كانت العلاقات حميمية بين البلدين يعود الهدوء الى الفشقة ولا يسمع الناس في ولاية القضارف عن حوادث قتل وتعدي على الحقوق، ثم فجأة ينقلب الوضع رأسا على عقب وتزداد حدة التوتر في المنطقة نتيجة أزمة في العلاقات بين البلدين. حدث ذلك خلال فترة الستينيات ثم في السبعينات والثمانينيات وأخيرا في التسعينيات. فكلا البلدين ظل يتهم الأخر بدعم المتمردين المناوئين للحكومات في كل من اديس ابابا والخرطوم. خلال مرحلة الستينيات دأب نظام الإمبراطور هيلي سلاسي على اتهام السودان بدعم الثورة الارترية فشرع من جانبه في دعم حركة الانانيا المتمردة في جنوب السودان، ولكنه عاد وتوسط بين الحركة ونظام العقيد جعفر نميري حتى تم التوصل الى اتفاقية اديس أبابا عام 1972 التي بموجبها اعطي جنوب السودان حكما ذاتيا. كان ملف الفشقة حاضرا في تلك الاتفاقية حيث اعترف نظام الامبراطور بسيادة السودان على الفشقة وبالحدود الدولية بين البلدين مع سماح السودان لبعض المزارعين الاثيوبيين لممارسة الأنشطة الزراعية في الفشقة ليعود الهدوء الى حين. في العام 1983 عاد التوتر الى منطقة الفشقة بعد قيام مليشيات مسلحة بالتعدي على الأراضي السودانية وتزامن ذلك مع اندلاع التمرد مرة أخرى في جنوب السودان تحت اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان. وفي العام 1995 اتهمت اثيوبيا السودان رسميا بالوقوف خلف محاولة اغتيال الرئيس المصري حسنى مبارك في اديس ابابا وأعقب ذلك استيلاء المليشيات الاثيوبية المسلحة على نحو 50 ألف فدان من أراضي الفشقة لتزداد المساحة التي يسيطر عليها المزارعون الاثيوبيون في الفشقة. كان نظام الإنقاذ في تلك الفترة منشغلا بالعمليات العسكرية ضد المتمردين في جنوب السودان ولم يكن مستعدا لفتح جبهات قتال جديدة مع اثيوبيا فغض الطرف عما حدث في الفشقة واكتفى بتهدئة الوضع من خلال لجان مشتركة سُميت بلجان الحدود دون المطالبة بإعادة الحقوق السودانية. ولعل إقامة تلك اللجان كانت محاولة فاشلة من قبل الحكومة المركزية في الخرطوم لإرضاء المزارعين السودانيين الذين فقدوا أراضيهم في الفشقة. وظل الوضع كما كان عليه منذ نحو 25 عاما الى ان أعلن الجيش السوداني في الأسبوع الأخير من عام 2020 استعادته الكاملة لأراضي الفشقة من المليشيات الاثيوبية المسلحة.
دلالات التوقيت وعوامل أخرى:
تزامن تحرك الجيش السوداني الى منطقة الحدود مع بدء علميات الجيش الاثيوبي في إقليم تجراي للقضاء على قوات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي وتدفق اعداد من اللاجئين الاثيوبيين الى الأراضي السودانية. وبدا الامر أولا وكان هناك تنسيق بين الخرطوم واديس ابابا لمحاصرة الجبهة الشعبية لتحرير تجراي والحيلولة دون تسلل منسوبيها عبر المنافذ السودانية ولكن تأكد فيما بعد ان الجيش السوداني يتحرك ضمن أهداف خاصة به. فلماذا اختار الجيش السوداني هذا التوقيت لاستعادة أراضيه كما يقول وهو الذي لم يحرك ساكنا طوال ستين عاما مضت؟ اثيوبيا من جانبها اتهمت طرفا ثالثا للإيقاع بين السودان واثيوبيا والمقصود بالطرف الثالث هي مصر بطبيعة الحال. صحيح ان مصر ليست بريئة بل لها مصلحة حقيقية في اشعال الحرب بين السودان واثيوبيا خاصة بعد فشل المفاوضات حول سد النهضة ولكن لا يمكن القاء اللوم عليها بشكل جزافي إزاء التوتر الذي طرأ في الفشقة. المسؤولون السودانيون واخرهم الفريق البرهان أكدوا مرارا ان السودان لا يريد الحرب مع اثيوبيا وان يده ممدودة للسلام وان الجيش السوداني لم يجتاز الحدود الاثيوبية. ويبدو من خلال التصريحات المتبادلة ان البلدين غير مستعدين لخوض الحرب في الوقت الراهن على الأقل نتيجة عوامل داخلية، فالبلدان هما في أضعف حالتهما العسكرية والاقتصادية حيث أنهي الجيش الاثيوبي توا عملياته العسكرية في التجراي وهناك جيوب ما زالت ساخنة داخل الإقليم وتتطلب بقاء الجيش هناك للسيطرة على أي تحركات معادية كما ان هناك تذمر وتحركات غير مريحة في اقليمي بني شنقول واروميا الأمر الذي يجعل الحكومة الفيدرالية في اديس ابابا لا تفكر اطلاقا في اتجاه التصعيد مع السودان.ومع ذلك فإن إقليم الامهرا المجاور للسودان والمعني بالصراع في منطقة الفشقة قطعا لن يهدأ له بال وهو يرى الالاف من المزارعين وقد فقدوا الأراضي التي كانوا يزرعونها طوال 25 عاما مضت وسيقوم بمحاولات عديدة لإجبار رئيس الوزراء ابي احمد لكي يعلن المواجهة مع السودان. اما السودان فيمر بمرحلة انتقالية والحكومة في الخرطوم منقسمة بين مدينين يفضلون لغة الحوار وعسكريين يعتقدون ان السيف اًصدق انباء من الكتب ودليلهم عودة الأراضي السودانية الى أهلها. وعليه فإن الفترة القادمة حبلى بالمفاجئات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى