مقالات

أسمرا والعرب .. محاولة الخروج من نفق العقوبات : عبد الله محمود*

13-Nov-2010

المركز

شهدت العاصمة الإريترية أسمرا خلال أكتوبرالماضي تدافعاً غير مسبوق للوفود العربية الزائرة ، الرئاسية منها والوزارية ، في الوقت الذي تترقب فيه الحكومة الإريترية دخول القرار الأممي1907، والقاضي بإنزال عقوبات عليها بسبب دعمها للمسسلحين الصوماليين ورفضها الإنسحاب من الأراضي المتنازع عليها مع جيبوتي، إلى حيز التنفيذ.

أبرز الوفود الزائرة هو الوفد اليمني برئاسة الرئيس علي عبد الله صالح ، الذي هبط في مطار أسمرا بتاريخ28 أكتوبر في زيارة غير معلنة مسبقاً .و تنبع أهمية الزيارة، التي سبقتها زيارة لوزير الخارجية اليمني ، أنها تعقب الإتهامات التي ترددت خلال العام الماضي بدعم الحكومة الإريترية للحوثيين بالتسليح والتدريب ، وبالرغم من عدم توجيه اليمن الإتهام رسمياً إلى أسمرا إلا أن مسئولين يمنيين لمحوا إلى الدور الإريتري بالإضافة إلى الحملة الإعلامية التي شنتها وسائل الإعلام اليمنية على أسمرا وتركيزها على التحالف الإيراني الإريتري لدعم الحوثيين .
تأتي الزيارة في الوقت الذي تواصل فيه السلطات الإريترية إحتجاز المئات من قوارب الصيد اليمنية بما أثار حفيظة الشارع اليمني ودخلت القضية إلى قبة البرلمان اليمني عبر مداولات النواب واستفساراتهم بالإضافة إلى زيارة الرئيس اليمني لمقر الأمن البحري للتباحث حول الظاهرة ، وتناولت أجندة الزيارة هذه القضية المحلية بالإضافة إلى القضايا الإقليمية مثل تقديم الدعوة لأسمرا للإنضمام إلى تجمع صنعاء للتعاون الذي سيلتئم في العاصمة اليمنية صنعاء خلال الشهور المقبلة ، وقضايا الصومال وأمن البحر الأحمر والقرصنة .
الزيارة الثانية من حيث الأهمية هي زيارة الوفد الوزاري المصري برئاسة فايزه أبو النجا وزير التعاون الدولي وتوقيعها على إتفاق ينص على استيراد مصر للأسماك من اريتريا مقابل (السلع التى تخدم العملية التنموية وعلى رأسها مواد البناء والأسمنت). ولا تخلو الزيارة من أبعاد سياسية وأمنية حسب تسريبات لدبلوماسيين مصريين أفادت بأن أحد أهدافها هو محاولة احتواء التدخلات العسكرية الإريترية المحتملة في السودان خلال استفتاء تقرير مصير جنوب السودان المزمع إقامته في يناير2010م .
وبالرغم من توضح الجانب المصري لأن يكون تطور علاقاته مع إريتريا على حساب إثيوبيا التي تناصب الأولى العداء ، إلا أن الزيارة أيضاً لا تخلو من إشارات لإثيوبيا التي تشهد علاقتها مع القاهرة توتراً بسبب ملف مياه النيل والخلافات بين دول المنبع والمصب ، كما تأتي الزيارة عقب التصريحات التي أدلى بها أفورقي لصحيفة الأهرام المصرية من أنه غير راض عن مستوى العلاقات بين أسمرا والقاهرة وأن مشكلة الصيادين المصريين لم تحل بعد .
و تأتي في ذات الإطار زيارة وزير الخارجية العماني إلى أسمرا بتاريخ 30 أكتوبر للتباحث حول الشأن الإقليمي المتمثل في الصومال والبحر الأحمر .
وفي ذات السياق يأتي الإتفاق العام الذي تم توقيعه بين إريتريا والمملكة العربية السعودية في منتصف أكتوبر الماضي في العاصمة السعودية الرياض، وكذلك تقديم الرئيس الإريتري أفورقي الدعوة للمستثمرين اللبنانيين للإستثمار في إريتريا خلال الأيام القليلة القادمة بالإضافة إلى زيارة الرئيس الإريتري إلى الدوحة أمس الأول الأربعاء.
من المعلوم أن افورقي بعد أن خسر جميع حلفائه الإقليميين والدوليين واستحكم عليه طوق العزلة ، آثر التوجه عربياً والانفتاح على العرب الذين كان يناصبهم العداء منذ أن أخذت إريتريا موقعها ضمن خارطة العالم كدولة مستقلة .ولسنا في حاجة إلى جلب الشواهد والدلائل لمواقف أفورقي المعادية للعرب لأنها مستقرة في الأذهان وأشهر من أن تذكر ، وأبرزها دخوله في حروب و مواجهات عسكرية مع ثلاث دول عربية ( اليمن ، السودان ، جيبوتي) ورفضه الإنضمام للجامعة العربية ووصفها بنعوت سالبة بالإضافة إلى ملاساناته مع جميع الدول العربية دون استثناء مما ألب عليه العرب وعلاقاته المتنامية مع اسرائيل .
وقد بدأ أفورقي في التوجه عربياً إبان حرب السنين مع حليفته السابقة أديس أبابا مستغلا في ذلك التوجس التاريخي للعرب من إثيوبيا لأسباب تتعلق بمياه النيل والعلاقات الاثيوبية الإسرائيلية ، وقد استطاع أفورقي اختراق النسيج العربي عن طريق الدوحة التي قامت بترميم جسور علاقاته مع السودان بعد طول عداء وقطيعة ،علاوة على علاقاته المتميزة مع ليبيا التي انحازت لأسمرا إبان صدور القرار 1907 بما أثار حفيظة جيبوتي الدولة العضو في الجامعة العربية ، كما يأتي الدور المصري في إريتريا بهدف إرسال رسائل للطرف الإثيوبي باعتباره ضمن مجموعة دول منبع النيل المطالبة بتعديل إتفاقية مياه النيل الشيئ الذي ترفضه مصر باعتبارها تمثل تهديداً لأمنها المائي .
خلاصة القول أن التوجه الإريتري الحالي نحو الدول العربية والانفتاح عليها في هذا الظرف يأتي في إطار محاولاته الدؤوبة لتجاوز آثار القرار 1907 القاضي بحظر سفر مسئوليين إريتريين وتجميد أرصدتهم وحظر السلاح بالإضافة إلى محاولة سد الفجوة الناتجة من تناقص الدعم الغربي والاستثمارات الغربية بسبب مواقف أسمرا بمحاولة استدراج رأس المال العربي ، والبحث عن عن الدعم والتمويل العربي خروجاً من نفق الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي تشهدها أسمرا .
* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي-صحيفة الوطن السودانية -12 نوفمبر2010مالبريد الالكتروني:abdu974@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى