مقالات

مفاتيح : شعب في مهب الرحيل .. !!! جمال همد*

16-Apr-2011

المركز

أكثر من 400 مواطن تبتلعهم الأمواج دفعة واحدة … أكثر من 400 شاب وشابه بينهم اطفال يصبحون وجبة ليست دسمة للأسماك في المتوسط وعلى مرأى ومسمع من العالم . الحادث ليست الأولى من نوعها فقد ابتلع نهري سيتيت وعطبرة و رمال الصحراء الكبرى وسيناء أعداد أخرى .. ومن لم يمت بكل ذلك فأيدي المهربين وعصابات تهريب البشر ورصاص حرس الحدود أو ما يسمى بالجيش المحلي الإريتري كفيل بذلك .

والبقية تنتهك حرماته وإنسانيته إما في منافذ الحدود أو في معسكرات التجنيد الطويلة الأجل ويرمي بزهرة شبابة بين خنادق جبهات القتال المتوقع إندلاعه في أية لحظة وبين خدمة جنرلات الجيش . أمام هذه الكارثة الوطنية لم تحرك الحكومة الإريترية ساكنا … سكتت وكأن شئيا لم يكن !! كل دول العالم سارعت لتجلي رعاياها إلا دولة إريتريا فقد هرب السفير الإريتري عبد الله موسى عبر المنافذ البرية وعاد الى بلاده عبر الخرطوم ، وهو الرجل المقاتل الشرس إبان معارك التحرير . حدثت الكارثة فلم يعلن الحداد ولم تبادر أسمرا لإجلاء البقية من المواطنين الاريترين العالقين في ليبيا وتونس ومنفذ السلوم المصري . والمعارضة أصدرت بيان تستعرض فيها جهودها تخفيفا لتبكيت ضميرها ، وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني في عموم أوربا واستراليا والولايات المتحدة لم نسمع عنها صوتا ولم تبذل جهدا عبر صداقاتها الأوربية والإمريكية حسب ما تقول ، وسوف نراها قريبا تتزاحم في المقاعد في مؤتمر التغيير الديمقراطي المذمع عقده قريبا ! وكأنها صممت لممارسة العمل السياسي !! . نصف الشعب الاريتري وربما يزيد خارج وطنه في سابقة هي الأولى في تاريخه .. فكانت أولى موجات اللجوء قد سجلت في عام 1967م تلتها موجات 1975م وقدرت حينها ببضع آلاف . الأولة نتيجة المذابح التي استهدفت سكان الريف لتجفيف منابع الثورة حسب تصورات الجيش الإمبراطوري الإثيوبي ولم تجفف منابع الثورة بل زاد أوارها وزادت رقعة تحركها وحماها ذات السكان التي استهدفتهم المذابح . والثانية استهدفت المدن بعد الثورة الإثيوبية عام 1974م والتي ضلت طريقها على يد الجنرلات بقيادة الدموي منقستو هيلي ماريام . في 24مايو 1991م تم تحرير البلاد وحزم سكان الشتات ومعسكرات المنافي أمتعتهم للعودة الى ديارهم إلا ان تباشير الرياح الأولى لسياسات العهد الوطني لم تطمئن أحد وكانت النتيجة عودة القليل من اللاجئين الى اريتريا حيث تم حجزهم في معسكرات تفتقر إلى ابسط مقومات الحياة في ( ألبو ) وغيرها ليسخر السكان من أنفسهم ويطلقوا على أنفسهم ( دقسنا ) وليحتمي بقية اللاجئين بمعسكراتهم والمدن السودان ليسجل مشروع العودة الطوعية فشلا غير مسبوق في تاريخ عودة الأمم لإوطانها بعد زوال مسبب اللجوء .. وسنة أخرى وتندلع الحرب الإريترية الإثيوبية حاصدة أكثر من 40 ألف شاب وشابة وتزداد قبضة الأجهزة الأمنية لتدفع بعد بمئات من الشباب والكهول والنساء في السجون ولتتحول إريتريا الى أكبر معسكر للجنود ( بلغ عدد الجنود الى أكثر من 300ألف في بعض المراحل ) في خدمة عسكرية إجبارية لاحدود لها ولا سقف زمني لها ولتتدفق الموجات المتتالية عبر الحدود السودانية حتى بلغ التسلل اليومي للسودان أكثر 100 لاجيء حسب مفوضية اللاجيئن السودانية ، يتخذ معظمهم التراب السوداني معبرا للخارج غير عابئين بمخاطر البحارالبحار والأنهار والصحارى والذئاب وغير ذلك . لصبح شعب كامل في مهب الريح !! وليكن الله في عونه في رحلة التيه التي لا تنتهي . •نشر في صفحة نافذة على القرن الافريقي صحيفة الوطن السودانية الجمعه 15ابريل2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى