مقالات

وقفات مع بعض قرارات حزب الشعب: محمد عمر مسلم

4-Nov-2008

المركز

أسلوب النضال لدى حزب الشعب
· بما أنه الهدف الأساسي لحزب الشعب الإرتري هو السعي لتحقيق طموحات شعبنا في الحرية والإنعتاق وبناء نظام دستوري ديمقراطي تعددي على أنقاض النظام الدكتاتوري فإنه يتخذ من النضال السلمي والديمقراطي أسلوبا للوصول إلى أهداف الحزب السامية وحمايتها..

· ما أن إرتريا تعيش في ظل نظام دكتاتوري وشعبها محروم من إبداء الرأي وحرية التنقل ، لا يمكن لأسلوب النضال السلمي والديمقراطي أن يتحقق برقبة طرف واحد ، أدف إلى ذلك تداخل استخدام العنف والأسلوب السلمي قد يحدث تصادم غير ضروري – ) الوسائل السلمية لوحدها لا تكفي لإسقاط نظام قمعي، فالمدافعة السياسية تتطلب وجود حريات عامة، و حكومة شرعية ، ودستور وطني يضبط إيقاع المقاومة السياسية، ومؤسسات مجتمع مدني فاعلة وإعلام حر منضبط مستقل، وهذا ما لا يوجد في بلادنا، لذلك الرهان على المدافعة السياسية لإسقاط النظام هو نوع من الهروب إلى الأمام من تكاليف المواجهة الحقيقية إما بسبب ضعف الحال أو حسابات أخرى، ومع ذلك لا ننكر على الحزب اختيار وسائله النضالية، وفي نفس الوقت نأخذ على الحزب تثبيطه في صف المعارضة عن استعمال القوة ضد النظام، ولا أدري إن كان لذلك علاقة بالصلح المعلن بين الحزب والشعبية؟. و يرى الحزب كما جاء في الفقرة الثانية، عدم جدوى الجمع بين النضال السياسي والعسكري ( أدف إلى ذلك تداخل استخدام العنف والأسلوب السلمي قد يحدث تصادم غير ضروري )، بهذا يكون الحزب قد حجر واسعا في مجال مقاومة النظام، ولا أدري كيف توصل الحزب إلى تلك النتيجة وهو لم يجرب جمع الأسلوبين في مقاومة النظام؟ وعرف من تجارب مقاومة الشعوب أن تنوع وتعدد وسائل المقاومة قوة بينما انحصار المقاومة في وسيلة واحدة ضعف للمقاومة، ومما لا يختلف عليه أن ضعف المعارضة الإرترية سببه عدم امتلاكها القوة اللازمة لإسقاط النظام، والمدافعة السياسية السلمية ضد الأنظمة الديمقراطية أجدى وأمضى سلاح في التغيير من المدافعة العنيفة، بينما المدافعة السياسية السلمية ضد الأنظمة الدكتاتورية القمعية لا تجدي نفعا ولا تحدث تغييرا ما لم تساندها قوة. البعض له مشكلة مع الماضي لذلك يحاول إنكاره وتجاهله، فيأتي فهمه للحاضر والمستقبل ناقصاً وخاطئاً في معظم الأحيان، وقد وصف أحد المفكرين هذا البعض بقوله ( كأنما يريدون أن يلغوا الماضي من الزمن، والفعل الماضي من الكلام، ويحذفوا الوراء من الجهة، والذاكرة من الإنسان) فالماضي عندهم بغيض ومنكر، إما لعدم إدراكهم قيمته في حاضر ومستقبل الأمة، أو لأنهم أودع الماضي ما يدينهم، لذلك ينزعجون كلما فتحت صفحات الماضي، أما الذين يدركون أهمية الماضي في حاضر ومستقبل الأمم، ينكبون على ماضي التأريخ دراسة وتحليلا وفرزا دون تحريف أو تزيف، ليأخذوا منه ما كان صالحا، ويتركوا ما كان ضار بحاضر الأمة ومستقبلها، لذلك لا يمكن أن نستشرق مستقبلنا إلا من خلال وقفت تأمل حقيقية شجاعة على ماضينا وفهم وإدراك حاضرنا، أما الذين يعانون من فوبيا الماضي يحاولون دوما فصل النتائج عن مسبباتها، والأحداث عن سياقها تحت دعوى التغيير المزعوم، فالجبهة الشعبية فكرة ومشروعا كان لها حضور في ماضي الأحداث لذلك لا يمكن فهم حاضر الشعبية وما تقوم به ضد الشعب فهما صحيحا إلى من خلال دراسة وتحليل ما سبقها من أحداث، ومن يقول بخلاف ذلك فقد خالف جمهور الشعب في هذه المسألة، ومن تلك الأحداث مواقف القس ديمطروس ومن لف لفه من القضايا الوطنية عامة وحقوق المسلمين خاصة، ظهور حزب الانضمام لإثيوبيا، تنصيب حكومة عميلة جلها من النصارى باعت الوطن وحاربت كل من وقف في وجهها، ظهور فرق الموت الكمندوس، غياب ملحوظ للنصارى عن الساحة مقارنة بالمسلمين حتى ما قبل عام 1975م، تدفق النصارى في عام 1975م بأعداد كبيرة إلى الساحة وكأن أحدا استنفرهم بعدما مال ميزان القوة لصالح الجبهة، وبعد فترة وجيزة من هذا التدفق حدثت أمور لم تكن معروفة في الساحة النضالية، منها حدوث خلافات وإنشقاقات في صفوف جبهة التحرير، ولادة نواة الجبهة الشعبية بصدور بيان نحن وأهدافنا، تحالف الجبهة الشعبية مع جبهة التقراي والقضاء على الجبهة، تفرد الشعبية بالساحة، مجيء الاستقلال، تقلد الشعبية الحكم في البلاد، أما الحاضر فمعانات يومية للشعب على يد الجبهة الشعبية إلى أجل غير مسمى، الخلاصة لو كان لنا تأمل حقيقي لدلالات ومألآت الأحداث التي جرت منذ الخمسينيات حتى عام 1975م لقطعنا الطريق على بذرة المشروع الطائفي الإقصائي الذي ظهرت بوادره في أوائل الخمسينيات، ولكن الذي حدث لم نتأمل ولم نعتبر بالماضي، لذلك ندفع اليوم ثمن التغافل وعدم التأمل والاعتبار بماضي الأحداث، وجبهة التحرير التي كانت في أوج قوتها دفعت ثمن ذلك عندما استغفلت أو تغافلت عن تأمل الماضي فأتيت منه، واليوم يريد منا البعض أن نغفل أو نستغفل بشعارات التغيير المزعوم ولكن هيهات ثم هيهات.ويرى حزب الشعب أن 40% من سكان إرتريا وهم من جيل الشباب لا يعنيهم أمر الماضي لا من قريب ولا من بعيد، وكأن الحزب جعل من أولويات تغييره حذف الذاكرة من 40% من سكان إرتريا ولا أدري من المستفيد من هذا الحذف ؟. · قرار ملكية الأرض ( قرر المؤتمر التأسيسي الأول أن ملكية الأرض تؤول للشعب وإن الأراضي التي انتزعت عنوة وبغير وجه حق يجب أن تعود إلى أصحابها الأصليين بشكل قانوني وعادل ، وفي حالة تعذر ذلك لأسباب موضوعية ينبغي ان يعوضوا أصحاب الأرض تعويضا منصفا ) لي وقفة مع مبدأ التعويض الذي أشار إليه القرار، وربط ذلك بأسباب موضوعية، وبما أن الحزب لم يفصل تلك الأسباب، فلن أعلق عليها ما دامت حبيسة النفوس، ولكني سوف أعلق على مبدأ التعويض الذي أشار إليه القرار، فنزع الأرض من أصحابها الأصليين وإعطائها لأخر، ترتب عليه غبن وظلم مادي ومعنوي، والظلم المعنوي أشد قسوة في هذه الحالة، لذلك التعويض المادي لن يكون منصفا، فلن يعوض في صاحب الأرض الحرمان المعنوي، فما يربط الأرض بأصحابها يتجاوز البعد المادي، فالأرض عندهم رمز الوجود والأصالة، وبها يعرفون وإليها ينسبون، ولا أظن عاقلا يرضى لنفسه أن يكون نكرة بعد معرفة، وإذا كان من تعويض فليكن للمستوطن الذي ترك أرضه وقدم ضمن مشروع طائفي ليستوطن أرض غيره، فمثل هؤلاء يعادون إلى أراضيهم ويعوضون من الدولة مقابل ما تركوا من عمار وبناء، ولا نرى تعويضا منصفا غير هذا في هذه المسألة.الأخ جمال همد من أوائل من بشر ونظر بالمؤتمر التأسيسي لحزب الشعب، ولن أنكر عليه هذا الإعجاب والولع بحزب الشعب، ولكن ما لا يقبل منه الخروج عن دائرة الاتزان وهو يدافع عن قناعته وآرائه، ومع ذلك نحترم رأيه فيما ذهب إليه، وخلافنا معه حول ما جاء في مقاله ( ضد العقم والقمقم – مع انطلاقة الحياة ) لا يفسد للود قضية، الأخ جمال ينفي وجود مؤامرة تستهدف جهة ما، وأن أقول أن المؤامرة حدثت منذ الخمسينيات وما زالت قائمة واللبيب تكفيه الإشارة، وما نحن فيه اليوم بسبب تلك المؤامرة، ولو شئت فصلنا لكن المقام ليس مقام تفصيل، أما قولك عندما يفشلون يلجئون إلى تقسيم الشعب، قول مردود لسببين هما وجود الثنائية التي أقر بها الجميع، وما خلفته المؤامرة الطائفية من واقع، فأصحاب الردود لم يبتدعوا ولم يخرجوا عن واقع معاش لا تخطئه عين الحصيف، والفشل الحقيقي من نصيب من ينكر ذلك، أخي جمال قل رأيك وانطلق للحياة مع من شئت، ودع غيرك يقول رأيه، ودع الحكم للقراء، وتواضع واترك عنك تقمص الأستاذية في الشأن العام فغيرك يدرك ما تدرك ويزيد، ومع ذلك ما تطاول أو سفه مخالفيه في الرأي، وأعلم أن فوق كل ذي علم عليم،.أخي جمال لا أخالك تجهل أن الاختلاف في الرأي من سمات العمل السياسي، لأن كل واحد يرى من زاويته ومنطلقاته وخلفياته، لذلك ما جرى من خلاف في الرأي حول حزب الشعب كان من هذا القبيل، والواجب في مثل هذا المقام احترام المخالف في الرأي، أما الردود التي كانت سببا في إحباطك، كانت في مجملها صريحة وموضوعية، إذ ربطت ماضي الأحداث بواقع الحاضر، فإذا كنت من مدرسة من يرى عدم ربط الماضي بحاضر الأمة ومستقبلها فلك ذلك، ولكن دون تحامل على من خالفك في هذا المبدأ، وأختم هذه الفقرة بعبارتك ( نؤمن بأن لكل رأي له الحق في الخروج به للناس، كما أن للناس الحق في تداوله، كما أن لكل رأي حق الحياة والاستمرار ) تمنيت لو أنك التزمت بها ليأتي ردك خاليا من تلك الشاطحات والتشنجات التي شوهته، أخي جمال كثيرون يرون في هذه المرحلة أهمية كبرى لفرز وتوثيق الماضي ليس للانغلاق فيه كما زعمت، بل لإصلاح حضرنا، ولنتبصر لمستقبل أمرنا، ولنحمي أجيالنا القادمة من تكرار أخطاء السلف، لذلك نحن على استعداد أن نتعامل مع قمقم الماضي بكل شجاعة وشفافية مهما كان مخيفا ومزعجا للبعض .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى