مقالات

اتفاق أديس ابابا بين السودان والجنوب خطوة في الاتجاه الصحيح ! : محمد أبو حامد

29-Sep-2012

المركز

اعتقد كثيرون ومنهم العبدلله والرئيسان البشير وسلفاكير ان قمتهما في أديس ابابا ستستغرق يوما وحدا وهو الاحد 23 سبتمبر 2012 يتوجان بها مجهودا خرافيا بذله المفاوضون السودانيون من الشمال والجنوب على مدى شهور حول ما تسمى القضايا المعلقة والخلاف حول منطقة ابيي الغنية بالنفط، وبعدها يتصافحان ويبتسمان امام عدسات التصوير تحقيقا للنصر المنشود ويتبادلان التهاني وكل يعود الى بلده لبدأ مرحلة جديدة ومختلفة، لكن الجميع كان مخطئا عدا قلة ممن كانت تعرف “شيطان التفاصيل” فسرعان ما تبدل الحال وانهمك الرئيسان في عمل متواصل وممل استمرت معه القمة ليوم ويومان وثلاثة وأربعة وازدحمت ردهات فندق الشيراتن بأديس ابابا وسط حراسة استثنائية وتكهنات وتحليلات وترقب وضغوطات، لتختتم القمة في اليوم الخامس وكادت تضرب رقما قياسيا في المدى الزمني للقمم الثنائية بين الزعماء. صحيح قد يعكس هذا مدى صعوبة الموضوع والموقف..لكن في ذات الوقت دليل على الجدية والرغبة في تحقيق الهدف تاركين كل انشغالاتهما.

ونظرا لان العبرة بالنتائج كما يقال..تقافزت الأسئلة إلى الأذهان..هل هي قمة “ناجحة” لا “فاشلة” لا ..اذا ما هي؟ بالتأكيد ستكون “صفقة ما” بين النجاح والفشل يحفظ بها كل طرف ماء وجهه امام الرأي العام المحلي المترقب بتلهف والمتابع بقلق ما يجري، والدولي الضاغط والذي يريد رؤية تقدم ما يتحقق على الأرض والا ستكون العواقب وخيمة كما هدد بذلك..والا بماذا يفسر ترك أهم ملفين وهما قضية ابيي المتنازع عليها بين البلدين ومشكلة الحدود “المتوترة” وهما من اهم القضايا محل التفاوض وتوقيع بروتوكول للتعاون في الملفات الأخرى “قليلة الأهمية” مقارنة بهاتين المعضلتين، فيما وصفه البعض ببروتوكول “العلاقات العامة”، فلم يكن اكثر المتشائمين يتوقع وبعد شهور من التفاوض المضني ان يتفق الطرفان في كل شيء ويختلفان حول اهم موضوعين على جدول الأعمال ليصبح كل ما تم التوصل إليه رهين بمعالجة موضوع لا تزال كيفية حله في رحم الغيب عند العلي القدير. بيد ان محللين يرون انه ورغم أهمية توقيع بروتوكول الاتفاق الأخير والذي تم التوصل إليه والقضايا التي شملها وحسم قرابة ثمانية ملفات والذي كان من العسير حسمها لولا الإرادة السياسية المتمثلة بحضور رأس الدولتين ومكوثهما في أديس ابابا لأيام، الا ان القضايا الأبرز لا تزال دون حسم بطبيعة الحال “ابيي-وملف ترسيم الحدود” وهما قضيتان ملحتان دونهما الكثير من الصعوبات والتحديات، وسيتم تصعيد الأمر الى الأمم المتحدة كملاذ أخير وتلك معضلة أخرى. قد يتفق البعض في ان الاتفاق الاخير سيكون مهما في جهة تعزيز حسن النوايا وبناء الثقة بين الإخوة الأعداء وقد يؤسس ربما لواقع جديد من العلاقات الجيدة بين البلدين قد تساعد في حلحلة بقية الملفات بصورة ودية بعيدا عن التشنج وتبادل الاتهامات والتصعيد الإعلامي والخطابي بين جوبا والخرطوم والذي عرف في الفترة الماضية التي سبقت حرب هجليج وبعدها. عموما فان مهددات اتفاق أديس ابابا، ستبقى كثيرة ومنها قضية الحركة الشعبية قطاع الشمال والتي لم تكن جزءا من عملية التفاوض بانتظار فتح باب الحوار معها، بعد ان طالب السودان الشمالي الجنوب بفك الارتباط معها لمعالجة المشكلة الأمنية بصورة كلية لان الحديث عن انجاز صفقة في الملف الأمني دون معالجة هذه القضية سيكون ناقصا بكل تأكيد، فيما اعتبر ذلك من اهم الملفات المسكوت عنها في مفاوضات أديس أبابا وحتما ستلقي بظلالها في المرحلة القادمة. لكن الامر الأهم هو ان تتوفر الإرادة السياسية لدى البلدين وان لا يكون الضغط الدولي الذي يفرض نفسه على طاولة التفاوض بين البلدين في كل مرة هو ما يحركهما فذلك قد يكون مدعاة للوقوع في أخطاء إستراتيجية جديدة..وما اتفاق اديس ابابا والذي اعتبره البعض انجاز تاريخي وآخرون يقللون من وزنه لا محالة يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح.!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى