مقالات

الفاتح من سبتمبر .. وقفات لابد منها :أ.محمد علي صالح هنتولاي

30-Aug-2015

عدوليس

الفاتح من سبتمبر ذكرى عزيزة جداً في تاريخ كفاح الشعب الإرتري.. ولا يزال يوماً مهماً جداً كمحطة لمراجعة الكثير من المنعطفات التي مرت بها قضية الشعب الإرتري حتى يومنا هذا …

كان الأول من سبتمبر نموذجاً للتضحية من أجل الوطن .. إيماناً بعدالة القضية .. وعن قناعة تامة بحتمية الانتصار وإن تطاولت السنين… وعلى النخب الإرترية اليوم على اختلاف مشاربها .. أن تحتفي بهذا اليوم تأسياً بروح الآباء الكرام عواتي ورفاقه الأماجد .. وكل مخلص وصادق كافح وضحى من أجل الوطن ممن سبقوهم أو جاءوا من بعدهم.. وليتذكر الجميع أن عواتي ورفاقه لم يختاروا الكفاح المسلح من أجل هيمنة فئة محددة .. أو ثقافة معينة أو منطقة .. أو من أجل جماعة إثنية أو دينية دون غيرها… بل كافحوا من أجل الوطن كله… لم يكن الشعب الإرتري في تاريخه الطويل أحوج منه إلى روح وقيم الفاتح من سبتمبر وكفاحه وتضحياته كما هو حاله اليوم ..
نريد الاحتفاء بالفاتح من سبتمبر لنجدد العهد مع وطن مغلوب على أمره .. كافح وناضل من أجله الآباء .. حتى تحرر .. ثم ضاع أو يكاد يضيع .. عندما دبت في البعض روح الأقصاء والهيمنة ورفض الآخر في ثقافته ودينه وهويته وانتمائه.
نريد أن نقف هذا اليوم حتى نذكر الطاغية الجاثم على صدر الشعب الإرتري وكل من سانده من منطلقات شخصية أو دوافع طائفية أو إقليمية .. بأن هذا الوطن لن يكون إلاّ للجميع .. نريد أن نقف هذا اليوم حتى نذكرهم ونقول لهم: لقد جربتم الكثير من حيل الإقصاء واستبعاد الآخر .. ابتداءً من الميدان .. وحتى عندما تحرر الوطن بدماء جميع الإرتريين دون استثناء.. فماذا كانت النتيجة؟!! .. ماذا جنيتم؟!! … ماذا جنيناً جميعاً ؟!! وما الذي جناه الشعب الإرتري كله غير دولة فاشلة؟!! …
ماذا جنينا .. عندما تمادى البعض في ممارسة الإقصاء حتى في صفوف النخب التي تدعي أنها تعارض نظام الظلم والقمع.. حتى في منافيهم البعيدة .. عندما تبجح البعض (على قلته) بإنكار الرموز التي التف حولها الشعب الإرتري ليطلق طلقته الأولى من أجل وطن أراده للجميع.. عندما أنكروا أن يكون عواتي رمزاً وطنياً يعبر عن أشواق جميع الإرتريين دون استثناء ..
واليوم .. نجدد العهد مع الفاتح من سبتمبر.. لا لنحارب عدواً خارجياً .. أو استعماراً إقليمياً أو دولياً .. بل يجب أن نجدد عهدنا معه حتى نعلن الحرب على خيباتنا .. وأنانيتنا .. وعلى روح الإقصاء فينا .. نريد أن نتحرر من أوهامنا ومن نفوسنا الأمارة بالسوء .. فلا أحد يتربص بهذا الوطن اليوم .. ويحيك له حيل الدمار والخراب غيرنا ..
علينا اليوم أن نتأمل واقعنا جيداً ..
فعندما يختار الشباب الإرتري الذي ولد جله بعد يوم الاستقلال في 24 مايو 1991 .. عندما يختار الموت من أجل أوطان مجهولة .. يتسول فيها هويته وإنسانيته .. حتى ينتهي به المطاف في قيعان المحيطات وبطون الحيتان أو يحالفه قليل من الحظ فيفوز باستراحة أبدية في تابوت في لامبيدوزا أو سواحل العالم الشمالي أو يكون أفضل حالا فيلقي عصا الترحال المرير في معسكر للاجئين أو المهاجرين الجدد… تاركاً وراءه وطناً ظل يقتات على أشلاء آبائه وأمهاته .. بحثا عن وطن لم يجده في وطنه.. ومن أجل لقمة العيش التي عجنت بدموع الأمهات الثكالى ونحيب الإيتام … عندما يكون هذا حال نصف حاضرنا وكل المستقبل.. علينا أن نعلن الكفاح من جديد.. ونجدد العهد مع الفاتح من سبتمبر مرة أخرى.
نريد أن نحتفي بهذا اليوم حتى نذكر أنفسنا بأن الوطن الذي ننتمي إليه لا يزال يبحث عن الخلاص .. فإما أن نخلصه من أجلنا ومن أجل أجيالنا القادمة.. أو سنضيع جميعاً قبله.
للواصل مع الكاتب :hintolai@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى