مقالات

العفر الإرتريون… قصة تعاسة دائمة !! : خالد إسماعيل

3-May-2014

عدوليس

اللاجئون الإرتريون الذين لجأوا للسودان كانوا الأكثر حظاً والأوفر فرصاً في التعليم الجامعي وما فوق الجامعي، والرعاية الصحية والخدمات وحرية التنقل والحركة والعمل، بل والمواطنة خاصة للجيل الذي ولد في السودان دون أن يؤثر ذلك في هويته الإرترية

على الأقل داخل البيت وفي التجمعات الأسرية الخاصة كما أن التواصل بالداخل لم ينقطع خاصة في الجانب الإجتماعي (مباركات وتعازي ) بالإضافة لارتفاع الوعي السياسي والقومي نتيجة تمركز غالبية الأحزاب السياسية في السودان واختلاط وتعايش غالبية القوميات في المعسكرات في تجاوز صريح لحالة التمايز والتباعد المناطقي والقبائلي التى كانت سائدة في إرتريا، مما أدي لتعزيز الشعور القومي والإنتماء للوطن ككتلة واحدة، الأمر الذي خفف عليهم وطأة اللجوء والشعور بالحرمان، بالإضافة لحصولهم على تلك الميزات أعلاه والتى لم يكن من اليسير الحصول عليها في وطن لم يخرج من دائرة العذاب وحكومة لم تنزع عنها لامة الحرب بعد . !!
بينما لجأ قطاع عريض من أهلنا العفر إلى اليمن الذي برغم إدعاءات العروبة والكرم الفياض لم يجد فيه العفر غير السجن الكبير، والفقر المدقع، والأمراض الغريبة التى لم يعرفوها في ديارهم، لم تسمح لهم السلطات اليمنية بمغادرة المعسكرات، ومنعت عنهم حق التنقل و العمل، وضيقت عليهم فرص الحياة، فلا صحة ولا خدمات ولا تعليم عالي حيث أن السلطات اليمنية تحرم اللاجئ من القبول الجامعي ..
كما أن بعض العفر لجأوا إلى إثيوبيا العدو والدولة الإقطاعية الفاشلة والتي كان حينها ما زال قطاع عريض من شعبها يكابد ليتحرر من أمراض العصور الوسطى حيث أن الأمهرا سادة والبقية عبيد خلقوا لخدمة ذاك الإمبراطور العجوز الذي يدّعى انحداره من سلالة سيدنا سليمان عليه السلام، أو من قبضة هذا الجنرال الأحمر المعتوه الذي جعل الشعب كله سخرةً في خدمة النجمة الحمراء، فلم تشفع لهم صلات الدم والرحم، ولا امتدادات الأصل والسكن، ولا تقارب الحدود وحقوق الجيرة ..غير أن اليمن كان وما زال الأدهى والأمر حيث يمكن تشبيهه بمثابة المنفى الذي حرم العفر من الاختلاط ببقية الشعب الإرتري تلك الميزة التى توفرت للاجئي السودان وكانت بمثابة الطفرة التى توازي بوتقة الثورة الأم في رتق النسيج الاجتماعي مما أوجد بيئة محصنة ضد دعاوى القفز على ثوابت وحدة الأرض والشعب، حيث كان نتيجتها صناعة جيل من النخبة المتعلمة المتحررة من عقابيل الإرث الثقيل لأمراض الجبهات والمتقدمة كثيراً في طرحها الفكري ( الإسلامي واليساري ) وفي إمكانية قبولها للتعايش مع الآخر.
وعلى العكس تماماً كان اليمن الذي أفرز جيل نصف متعلم، لا فرق بينه وبين بقية الذين يرزحون تحت قبضة الجلاد في دنكاليا.
وسبحان الله… اليوم الفرق شاسع حتى بين اللاجئين الإرتريين في اليمن وإثيوبيا والسودان، فبينما تطور اللاجئ الإرتري في السودان وذهب بعيداً بعيداً في تحقيق نوع من الإستقرار سواء في المعسكرات أو المدن السودانية أو العبور إلى بلاد الغربة وهو آمن الحال مطمئن البال على أسرته في السودان، ما يزال العفر في اليمن يسكنون الخيام وبيوت السعف والأقمشة البالية وبعضهم يهيم في العراء وفي الشوارع في هجير الصيف وزمهرير الشتاء وكأنهم لجأوا اليوم أو الأمس، بينما إمتلأت السجون اليمنية من شبابهم تمهيداً لتسليمهم إلى المحرقة الأفورقية، أما في إثيوبيا فإن موجة الهروب إلى السودان عبر الحمرة وحمدايت تعادل وتماثل موجة الهروب من الوطن عبر الشجراب وود شريفي،
عجيبة هي رحلة الهروب من المنفي إلى المنفى !!
في 2005م تعرفت على أخ عفري بموقف طريف لم أكن طرفاً فيه ولكنه للحق والتأريخ أسرّه في نفسه وحين صار صديقاً بل حبيباً للقلب حكاه لي وتجاوزه عفواً وتقديراً (للفول والعدس والأرز) الذي بيننا، وبالرغم من إختلاف وجهات نظرنا الكبيرة إلاّ أنه كان أول عفريّ تعرفت عليه وربما كنا له أيضاً أول تجمع من غير العفر يتعرف عليهم، كان فاكهة الداخلية، ومحط اهتمام الجميع، وللأمانة كان شعلة من نشاط للتعريف بالعفر بأرضها وشعبها وثقافتها، كان (ماركة عفرية بمكنة يمنية) كانت فيه كل تشوهات السجن اليمني الكبير، وكان أسوءها نظرته لكل المجتمع الإرتري كعدو لأهله العفر، نظرة توصل إليها في سجنه هناك نتيجة لعوامل موضوعية وغير موضوعية إلا أن هجرته للسودان كانت رحمةً له ولطفاً علينا،،،
لم أقل لكم أننا في الداخلية كنا 40 طالباً إرترياً في كل التخصصات التطبيقية والنظرية ومن كل القوميات إلا العفر، حيث كان بيننا فقط أخوين صديقي وعفري آخر دائم الصمت قضى أربع سنوات وتخرج وغادر إلى جيبوتي في وظيفة مرموقة، بينما إنتشر الـ 40 خريجاً في كل بقاع الدنيا منهم الأطباء والمهندسون والمحامون والمحاسبون والإداريون والمتخصصون في الشريعة، هم اليوم في العيادات والوزارات والشركات الهندسية والسلك القضائي والبنوك والشركات العامة والخاصة، إنهم في مرحلة إكتساب الخبرة ليعودوا إلى إرتريا مخضرمين،،، هم فخر أهلهم ووطنهم وشعبهم …..
في يوم من الأيام قلت لصديقي العفري أنظر حولك!! كل القوميات الإرترية تجاوزتكم من ملاجئها بينما أنتم العفر ما زلتم في حالكم حيث لم يرحمكم المنفي ولا احتفى بكم الوطن… قال لي صدقت… تنهد بألم… وطفرت منه دمعة ..
العفر قومية تستحق الاهتمام.. بأزمتها الحالية في اليمن، أو ببؤسها المتلاحق منذ زمن، في إطار الدولة الإرترية الواحدة الموحدة، وبمفهوم التمييز الإيجابي، فلم يكن لشعب العفر تحمل كل تلك المعاناة لولا تمسكهم بإرتريتهم أرضاً وشعباً، بعيداً عن دعاوى المفلسين وقصيري النظر، العاقين للوطن والمتلاعبين بثوابته المقدسة…
سعادة صديقي العفري
شكراً جميلاً لأنك كنت سبباً في تعريفي بأهلي العفر.
كلنا ضد معاناة أهلنا العفر في اليمن
دعواتنا وقلوبنا معكم
المجلس الوطني، التحالف، الأحزاب منفردة، منظمات المجتمع المدني، الأفراد بعلاقاتهم…
والحكومة الطرشاء الخرساء،،، رفع معاناة العفر في اليمن مسؤلية الجميع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى