تقارير

كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري

1-Sep-2018

عدوليس ( رصد)

حتفل العالم اليوم 30 أغسطس/ٱب باليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري. و قد تقرر الإحتفال بهذا اليوم إثر تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة للإتفاقية الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص من الإختفاء القسري والتي دخلت حيز النفاذ في العام 2010.إن الإختفاء القسري واحد من أبشع الجرائم التي عرفتها الإنسانية، و لقد اعتبره نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في العام 1998 إحدى صور الجرائم ضد الإنسانية حتى قبل اعتماد الإتفاقية ، و هي من الجرائم التي لا تتقادم . كما أن محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان كانت أول من أسهم باجتهادها القضائي منذ العام 1988 في تأكيد مسؤولية الدولة عن هذا الفعل المشين. وتتجلى بشاعة هذه الممارسة في أن أثرها يمتد إلى أبعد من الضحية المباشرة التي تعاني فوق حرمانها من الحرية ومن حماية القانون، من الألم الذي يسببه إدراكها لأن ذويها وأهلها لا يعلمون عنها شيئا، فيصبح الأهل والأحباب ضحية ثانية للإختفاء

القسري فهم يجهلون مصير ذويهم المختفين أحياء هم أم أموات وتتأرجح عواطفهم بين الأمل واليأس لفترات تطول أو تقصر، وفي بعض الأحيان يتهددهم ذات المصير، وكثيرا ما يترتب على الاختفاء القسري متاعب مادية عندما يكون المختفي قسريا هو العائل الرئيسي للأسرة، فينقطع رزق الأسرة وفي بعض الحالات لا تسمح التشريعات الوطنية بتلقي معاش أو أية إعانات أخرى إذا لم تقدم شهادة وفاة، و في أغلب الأحيان يدفع النساء ثمن هذه المحنة، فالمرأة في الغالب هي التي تتصدى لإيجاد حل لقضية اختفاء أفراد أسرتها مما يعرضها لكثير من المتاعب، أما إذا وقعت المرأة نفسها ضحية للاختفاء القسري فإنها تصبح معرضة بشكل خاص للعنف الجنسي ولغيره من أشكال العنف.و معهد جنيف لحقوق الإنسان يدرك من منطلق مهامه التي تصب جميعها في حماية حقوق الإنسان و المطالبة بدعم هذه الحقوق و العمل الميداني و التوعوي وعلى تحقيق ذلك و المطالبة بكل الوسائل المتاحة إلى إحترام و حماية هذه الحقوق، يضم صوته إلى كل الأصوات المهتمة بتوحيد الجهود و تبادل التجارب للحد من هذه الظاهرة الخطيرة قبل القضاء عليها لاحقا. و لأجل هذا الهدف الإنساني الكبير فإن المعهد ماض بكل إمكاناته المادية و البشرية و القانونية في تكثيف المشاورات و تبادل المعلومات و الخبرات و خطط العمل حول هذه الظاهرة المقلقة و المخلة بحقوق الإنسان حيث تقوض الحرية و تحرم التواصل و تشل المخطوفين قسريا عن أداء واجباتهم الإجتماعية و المهنية و الإنسانية باحتجازهم في أماكن مجهولة بعيدين عن ذويهم الأقربين و مجتمعاتهم الواسعة و دائرتهم الإنسانية الأشمل.
و يرى معهد جنيف لحقوق الإنسان أن الإحتفال بهذا اليوم يحمل جملة من الرسائل الهامة و يؤشر في كل مرة إلى ضرورة الوعي بالخطورة التي ينطوي عليها الإختفاء القسري للأشخاص بغير وجه حق و ما يسببه من الإضرار بالمجتمعات التي يحصل فيها، و الدول التي يكون مواطنوها عرضة له في مساراتها السياسية و التنموية و مصائرها بوجه عام، ذلك بأنه أحد المعوقات الكبيرة بما يتسبب فيه من الخوف و الإنحسار عن البذل و العطاء و الإبداع، و دوام ترقب حدوثه إساءة إلى حرية المشاركة الفعالة في دعم سقف الحرية و توفير كل الحقوق تحت سقف محمي بالعدالة القانونية.
و لن يفوت معهد جنيف لحقوق الإنسان مناسبة هذا اليوم التي تستوجب تذكر المحتجزين قسرا في بلدانهم و خارجها بحزن عميق و حسرة على مصائرهم المجهولة كما لا يفوتنا ان نلفت النظر إلى انتشار هذه الممارسة في المناطق التي تشهد حراكا سياسيا وإجتماعيا في سياق النضال من أجل حقوق الإنسان وبسط الحريات والديمقراطية والحكم الرشيد. وندعو كافة دول العالم للانضمام للاتفاقية الدولية المتعلقة بحالات الإختفاء القسري، والتي وقعت عليها حتى الآن 49 دولة بينما إنضمت إليها 58 دولة والتعاون مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بحماية الأشخاص من الإختفاء القسري وفريق العمل المعني بحالات الإختفاء القسري. كما نشجع الدول على تبني نهج العدالة التعويضية المكرس في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتضمن المبادئ الأساسية و المبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف و الجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان و الإنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني للعام 2005 ، ونتمنى أن يعود هذا اليوم العام القادم ليجد أن عدد الضحايا في تناقص فكما قال الأمين العام للأمم المتحدة السابق في رسالته بهذه المناسبة “إن الإختفاء القسري ممارسة لا يمكن التسامح مع مرتكبيها في القرن الحادي والعشرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى