مقالات

إتفاق الشرق هل هو بداية تحالفات جديدة في المنطقة ، عبدالرازق كرار

21-Oct-2006

المركز

لا تزال ارتريا تتلمظ نشوة النصر الدبلوماسي الكبير الذي حققته بإستضافتها لمفاوضات الشرق وإيصالها الى ماهو مرجو منها بالتوقيع على الإتفاق النهائي بين حكومة الوحدة الوطنية ،

وجبهة الشرق وسط حضور اقليمي متميز إذ حضر الإحتفال الرئيس السوداني عمر البشير ، ونائبه سلفاكير ميارديت ، والرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر قلى ، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير خارجية مصر ابو الغيط ، وعدد كبير من وزراء الدول الخليجية وكل له دلالته ومغزاه .ارتريا التي وجدت اشادة من الجميع عملت على هذا الملف بصبر وأناة ، لذا من حقها أن تحتفي وتحتفل إذ لايزال التلفزيون الإرتري يعرض مشاهد من الحفل باللغات المختلفة .إذا أحتفاء ارتريا بهذا الإحتفال وهذا الإنجاز لايتوقف على أنها حققت مصلحة للسودان ، الذي تعني مصالحها امتدداً لمصالحه وفق العبارة التقليدية الراسخة في عالم الدبلوماسية ، ولكن للإنجاز الإرتري الذي جاء في ظل تطورات وحراك سياسي في دول الإقليم له مدلولاته وكذلك إنعكاسته العاجلة والآجلة . ارتريا كانت تدرك ابتداءاً أنها مؤهلة للنجاح في هذا الملف فهى تمسك بكافة تفاصيله وأوراقه المهمة وبالتالى هى قادرة على تحريك هذه الأوراق متى ما شاءت ، لهذا لم تحاول إرتريا ان تنجر كثيراً وراء التصريحات السودانية التي نددت بالدور الإرتري الهدام فيما يتعلق بملف دارفوروإستضافتها وتسلحيها لجبهة الخلاص ، بل أمتصت تلك التصريحات وواصلت في مساعيها وجهودها لإستكمال ملف التفاوض مع جبهة الشرق وكان رد الفعل الإرتري المباشر هو تصريحات الرئيس الإرتري الذي قال : أن مفاوضات الشرق ماضية في طريقها ولن تتأثر بالتصريحات السودانية ، عموماً نستطيع أن نتلمس تأثيرات هذا الحدث على مجمل محددات مستقبل المنطقة وملفاتها العالقة وابرزها العلاقات السودانية الإرترية ، ومستقبل محور صنعاء ، والعلاقات الإرترية الإثيوبية . معلوم ان حضور نائب الرئيس السوداني سلفاكير له ما يبرره وفق ماعرف عن علاقات الحركة الشعبية السودانية وحكومة الجنوب بعد ذلك والجبهة الشعبية الحاكمة في اسمرا ، ولكن هذه الإتفاقية نستطيع ان نؤكد انها نقلت العلاقة مع المؤتمر الوطني الشريك الرئيسي في حكومة الوحدة الوطنية الى خانة متقدمة ، خاصة مع الأخذ في الإعتبار الموقف الإرتري من القرار 1076 الداعى الى وجود قوات دولية في السودان وهو ما أعلنت ارتريا رفضة بعبارات قوية تتجانس وسياق العبارات التي أطلقها الرئيس السوداني ، وهو عكس موقف الحركة الشعية في السودان من هذا القرار ، وبالتالى أستطاع اسياس من خلال هذا الموقف ان ينقل العلاقة مع المؤتمر الوطني كحزب ومع الرئيس السوداني كموقف داعم له الى مربع متقدم ، وهو ما سيكون له تاثيره ، وأسياس الذي يجيد اللعب على هذه الأوتار ركز في خطابه أمام احتفال التوقيع على الإستغلال الذي تتعرض له المنظمات الدولية من قبل القوى العظمى التي تسخر هذه المنظمات لمصالحها ، وهو موقف يعزف على الوتر النفسي السوداني خاصة المؤتمر الوطني الذي يرأسه البشير .الملف الصومالى الذي اصبح فيه الموقف الإرتري سندا للمحاكم لإسلامية يلامس بعض نقاط الإلتقاء مع الموقف السوداني داعماً آخر لمستقبل العلاقة بين المؤتمر الوطني والحكومة الإرترية .ايضاًً استطاعت ارتريا أن تلتقى في موقفها مع الموقف اليمني الذي يتشابه مع الموقف الإرتري ، وهو ما يؤكد أن إرتريا استطاعت أن تخترق محور صنعاء عبر إقامة علاقات تلاقي مواقف مع ابرز الدول المكونة له ، وارتريا التي لم تؤمن يوماً باهداف هذا المحور الذي تعتبره موجه لها ووصفه الرئيس الإرتري مره بأنه محور الشر مستفيداً من عبارة الرئيس الأمريكي . ولعدم إيمانها بهذا المحور انصب كل جهدها في إفراغه من محتواه ، لذا نجدها في الوقت الذي بنت فيها علاقاتها مع السودان واليمن باناة وصبر في ذات الوقت صعدت حملتها ضد اثيوبيا بإجتياحها عبر قوات كبيرة المنطقة العازلة بين الدولتين التي نصت عليها إتفاقية الجزائر عام 2000م التي وضعت حداً للحرب بين الدولتين . وهى في ذات الوقت تقف موقف معروف من الحكومة الصومالية الإنتقالية برئاسة عبدالله يوسف وهو أحد أضلاع مربع حور صنعاء ، كما عملت من قبل تدعيماً لذات السياسية من تحييد جيبوتي من الإنضمام الى هذا المحور ، وبالتأكيد حضور الرئيس الجيبوتي لهذا الإحتفال له ما بعده ، وهو مايجعلنا نستشف تحالفات جديدة برزت ملامحها ي إحتفال التوقبع على إتفاقية شرق السودان .بالتأكيد لن يكون الأمر بالبساطة التي سردناها لأن العلاقات السودانية الإثيوبية وإن لم تلتقى في المواقف السياسية ، إذ لم تفصح أثيوبيا عن موقف قوى داعم للسودان في مواجهته مع المجتمع الدولى ولكن العلاقات السودانية الإثيوبية رغم ما يشوبها من توترات في الحدود أحياناً ، إلا أنها علاقات متجذرة وراسخة بحسابات الإقتصاد والمصالح ، هذا غير البعد النفسي للسودانين الذي يحسون بالإرتياح لإثيوبيا أكثر من غيرها من دول الإقليم على مستوى الأفراد ، وكذلك الدبلوماسية الإثيوبية الراسخة التي بنت العلاقات بين البلدين على قاعدة مصالح إقتصادية وتجارية عريضة وراسخة يصعب تجاوزها ، لذا فإن الدبلوماسية السودانية في إطار تجاوزها للبعد الأخلاقي لعلاقاتها المستقبلية مع نقيضى القرن الأفريقي نجدها تلمح الى محاولاتها للإسهام في التوسط بين البلدين لتجاوز الحالة المتوترة بين الدولتين ، وهى محاولة وإن كان لايتوقع أن يكتب لها النجاح إلا أنها تعبر عن حالة الإختراق الذي احدثته الجرأة الإرترية في إختراقها لمكونات المنطقة السياسية .مجصلة القول هو ارتريا استطاعت تلعب بأوراق كانت تحتفظ بها وهى مرشحة لدور أكبر ، خاصة والمعلومات المتوافرة حول رغبتها لضم الرافضين لإتفاق ابوجا الى ركب السلام ، مع الأخذ في الإعتبار ان موقفها من إتفاق ابوجا يكاد يقارب موقف جبهة الخلاص حيث ابدت ارتريا تحفظات عليه منذ البداية حتى الرئيس الإرتري لم يشير اليه في خطابه أمام المحتفلين بالتوقيع على إتفاق شرق السودان ، وبالتالي يمكن لأول مرة ان نعترف أن ارتريا تعرف ما تريد ، واستطاعت أن تقنع أطراف فاعلين في المنطقة بدورها وحنكتها وهذا ما سيكون له تأثير في تشكيل علاقات المستقبل بين هذه المكونات .ومع كل ذلك تظل عبارة باب النجار مخلع هو مايصلح أن توصف به ارتريا فهى دولة لم تحاور معارضيها في الخارج وأودعت معارضيها في الداخل في غياهب السجون التي لايعرف عنها شئ ، ولايخلو تقرير تيعلق بحقوق الإنسان ، أو الحريات الصحفية أو الحريات الدينية إلا ويضع إرتريا في مؤخرة الدول التي تراعى تلك الحقوق ، وبالتالى فإن هجومها على المنظمات الدولية أو الولايات المتحدة لايمكن أن يكون إنتقاد منصف طالما ظلت عوراتها مكشوفة للجميع ، وبالتالى يكون لقول المعارضة الإرترية بأن ارتريا الأول بها ان تصلح شأنها قبل شان الأخريين له ماسينده على ارض الواقع وهو ما يأمل الجميع أن تلفت اليه ارتريا .نقلاً عن صحيفة الوطن السودانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى