مقالات

ما الجديد في مؤتمر التحالف ..؟ : أ.محمد نور أحمد

4-Jul-2008

المركز

في الحادي عشر من مايو 2008م اختتم المؤتمر التوحيدي للتحالف الديمقراطي الإرتري أعماله بعد مناقشات هادئة في معظمها ، أقر بعدها ميثاقه ونظامه الأساسي وبعض القرارات الأخرى ، ثم انتخب رئيسي القيادة المركزية والمكتب التنفيذي ، ويعود الفضل في هذا الإنجاز إلى الإعداد الجيد الذي قامت به اللجنة التحضيرية التي كان قد تم تكوينها من المعسكرين وتناغما مع المزاج العام للجماهير الإرترية . كمت لابد من الإشارة هنا إلى دور منظمات المجتمع المدني واسهاماتها الإيجالية .

للإجابة على السؤال الذي يتصدر كلمتنا هذه يمكننا القول أن ثمة تطورا نوعيا قد طرأ على التحالف في عهده الجديد، فأول ما يلاحظه المرء اختفاء إي علامة لوجود المعسكرين ، إذ كانت المناقشات داخل القيادة المركزية تتم في السابق على أساس أفكار سبقت مناقشتها من هذا التكتل أو ذاك ، لهذا تأتي الآراء بالتأييد والتزيين أو المعارضة والدحض ، وينتهي الأمر بالتصويت عليها ، وقد أختفت هذه الظاهرة وبدأ التعامل مع الرأي كرأي في حد ذاته بغض النظر عن مصدره ، ويبحث عن مزاياه أو نواقصه، ولما كان الإجماع حسب اللائحة الداخلية للقيادة المركزية هو الفيصل ، فإن المناقشات لم تأخذ حيزا كبيرا من الزمن ، وهكذا اتخذت القرارات بسهولة ويسر . الملاحظة الثانية أن القيادة المركزية في السابق لم تكن تضع برنامجا توكل مهمة ترجمته على الأرض إلى المكتب التنفيذي ، إنما الأخير هو الذي كان يضع برنامجه ثم يقدم تقريره إلى القيادة المركزية في دورتها القادمة . بالطبع كان على القيادة المركزية أن تجيز التقرير دون مناقشة معمقة لأنه لم يكن في مقدورها إجراء المحاسبة على برنامج لم تضعه بالأساس ، وكان ذلك خللا كبيرا في عمل التحالف ، لأنه كان يحول دون متابعة القيادة المركزية لأنشطة المكتب التنفيذي في ضوء برنامج وضعته له . الملاحظة الثالثة أن القيادة المركزية طلبت من التنظيمات الأعضاء في التحالف مراعاة الأهلية والخبرة فيمن تعينهم لعضوية المكتب التنفيذي ، وهو ما تم بالفعل مما يضمن سلامة الأداء والكفاية الإنتاجية في عمل المكتب التنفيذي . الملاحظة الرابعة إعتماد المؤهل والخبرة في الكادر الذي يعمل في مختلف مجالات أنشطة التحالف وإعطاء الأولوية للحاجة بدلا من عملية المحاصصة التنظيمية والتكديس التي سادت المراحل السابقة ، لأن التحالف مؤسسة نضالية تعتمد على التضحية والكفاف ، بحكم موارده المحدودة و لاسيما بعد توقف الدعم السوداني ، لهذا لا يتحمل أية أعباء زائدة عن الحاجة . أما الملاحظة الخامسة والأخيرة ، فهي أن قادة التنظيمات السياسية الأعضاء في التحالف أو مندوبيهم أسقطوا بند العمل العسكري من مسئولية التحالف بسبب الاختلاف على فاعليته بوضعه الحالي المشتت ، فأداته أجنحة عسكرية أشبه ما تكون بمليشيات تابعة للتنظيمات الأعضاء في التحالف ، وهناك تنظيمات لا تملك أجنحة عسكرية ، ولكل من التنظيمات السياسية ذات الأجنحة العسكرية استراتيجياتها الخاصة وأسلوبها العسكري وتقوم بعملياتها العسكرية وفق منظورها السياسي . كانت ثمة محاولات في الفترة بين 2005/2007م قبل انفراط عقد التحالف لإجراء تنسيق وأقيم جهاز يشرف على ذلك ، لكن المحاولة باءت بالفشل . وقد تكوّن نتيجة لذلك رأي عام ينادي بدمج هذه الوحدات في قوة عسكرية واحدة، لكنه يجد معارضة من البعض الذي لا يرى بأس في إحياء محاولة التنسيق ، ولكل من الرأيين مبرراته التي يمكن إيجازها على النحو التالي :- •يرى أصحاب إحياء فكرة التنسيق أن الوحدات لا تعرف بعضها البعض ، ولكل تجربتها العسكرية المتفردة ، وتوجهاتها السياسية ، وأن تجاوز ذلك يتطلب بالضرورة فترة من التنسيق تمكنها من التعرف على بعضها وبناء الثقة فيما بينها وتوحيد تكتيكاتها العسكرية وتجاوز ما قد يكون من خلافات سياسية بالتركيز على الهدف المشترك وهو إسقاط النظام الديكتاتوري وإيجاد البديل الديمقراطي . لكن أصحاب هذه الفكرة لا يربطونها بفترة زمنية محددة ، الأمر الذي يجعل منها هدفا في حد ذاتها رغم أن عمر هذه الوحدات رهين بسقوط النظام السياسي الحالي ، إذ سيكون لنظام الحكم الديمقراطي في الدولة الإرترية جيشها الوطني وفق معايير ومواصفات تنطبق على الجيوش النظامية في الأنظمة المماثلة وحسب متطلبات الدولة وقاعدة توزيع الثروة والسلطة بشكل عادل بين مكونات المجتمع الإرتري . أما إذا كان هناك تفكير لأصحاب هذه الأجنحة العسكرية كلاً أو بعضاً بالاحتفاظ بها في ظل نظام حكم القانون ، فإن ذلك نية مبطنة لتحقيق أهداف لا تمت بصلة إلى المصلحة الوطنية العليا للبلاد .•أما الرأي المخالف فيرى أن مسألة بناء الثقة ليست مشكلة فالجميع يعمل من أجل هدف مشترك معلن ، ولم تكن هناك خصومات بين هذه الأجنحة، أما التعرف على البعض فيمكن أن يتم أثناء العمل بعد الدمج في الوحدات المشتركة ، وبالتالي لا يرى بديلا لإنشاء وحدة عسكرية تضم كافة الأجنحة العسكرية الحالية ذات استراتيجية واحدة وقيادة عسكرية واحدة ، ويعددون مزاياها في أنها ستمد الثقة للهاربين من سعير النظام من أفراد الخدمة العسكرية الإلزامية أو من أفراد قوات الدفاع القدامى في الانضمام لهذه الوحدة بدلا من رمي أسلحتهم أو تسليمها إلى أمن حدود الدولة المجاورة والانضمام لمعسكرات اللجوء ، لأن هؤلاء لا يمكن أن ينضموا إلى أي من الأجنحة العسكرية للفصائل السياسية ، وهو ما ثبت بالتجربة لأنهم لا يعرفون برامج هذه التنظيمات ،إذ لم تتح لهم الفرصة لذلك ، كما أن تعدد الأجنحة العسكرية لمواجهة نظام وطني في بلد مثل إرتريا لا تحرك معارضيه نزعات عرق أو قبلية أو حتى دينية ، بالرغم من المحاولات الدءوبة لنظام هقدف لخلق ما يسميه بالقوميات لتحقيق أهداف لا تغيب إلاّ لمن أصيب بعمى سياسي ، وبالرغم من رفض ومعاداة المواطن العادي للنظام فإن تعدد الأجنحة العسكرية للمعارضة تثير مخاوفه ، لأن الذاكرة الجمعبة للشعب الإرتري ما زالت تحمل مآسي الحرب الأهلية بين الفصائل المختلفة في فترة النضال من أجل التحرير، عندما كان يسعى كل فصيل أنس في نفسه الكفاءة التنظيمية والقوة العسكرية للإنفراد بالساحة بإجبار الآخرين للانخراط فيه أو تصفيتهم عسكريا ، وتنظيم هقدف الحاكم ليس سوى نتاج تلك التجربة المؤلمة . إن إقامة وحدة عسكرية واحدة للتحالف حسب هذا الفريق يمكن قيادتها من متابعة تنفيذ خططها وتقييم مردوداتها للتأكد من مدى مطابقتها لما وضعت له من أهداف . •هناك فريق ثالث يرى إعطاء الأولوية للأسلوب السلمي واستغلال كل فرصة تتاح لذلك مهما قل شأنها وتأثيرها على النظام ، إلاّ إن الفريقين الآخرين معا يردان بأن النظام أغلق باب العمل السلمي في الداخل ، وقد واجه عمليات الاحتجاج السلمي المحدودة بإطلاق الرصاص و”الضرب على الملان” كما يقال، ويستشهدون بما آلت إليه تظاهرة المعوقين السلمية للمطالبة بتحسين أوضاعهم في معسكراتهم ومحتجزي ” عدي أبيتو” الذين اضطروا لكسر جدار قاعة حجزهم عندما فاضت براميل قضاء الحاجة التي خصصت لهم وسالت إلى مضاجعهم ، وعمليات الإعدام التي نفذها قادة الفصائل لمن اتهموا بالهروب من صفوفها أثناء الحرب مع الجارة إثيوبيا ولا يعرف عدد هؤلاء حتى الآن وما إذا كانت أسمائهم قد ضمت إلى قوائم الشهداء أم المفقودين . والذين لم تتمكن الأجهزة الأمنية للنظام من إلقاء القبض عليهم وضع آبائهم أو أمهاتهم إن لم يكن لهم آباء في السجن أو دفع غرامة مالية مقدارها خمسين ألف نقفة بما يعادل 335 دولار أمريكي ، وهو مبلغ يفوق طاقة الأسر التي ينتمي إليها هؤلاء المجندين قسرا وغالبيتهم من الريف ، وقد قامت أجهزة أمن النظام في عام 2007م بإعدام شخصين رميا بالرصاص في ساحة عامة بمدينة تسني بتهمة تهريب المقاتلين عبر حدود الدول المجاورة لتلقين درس لكل من يفكر في مثل هذا العمل، وقامت بمثله قريبا في قرية ” غرمايكا ” وهناك من لاقوا حتفهم برصاص قوات حرس الحدود الإرترية وهم يحاولون اجتياز الحدود ، ولا شك في أن الهروب من الخدمة العسكرية القسرية في حد ذاته شكل من أشكال المقاومة السلمية غير المباشرة . لهذا يصف مؤيدوا العمل العسكري نظرية النضال السلمي في الداخل بالمثالية ، مع ذلك فإن الوسيلة السلمية موجودة بشكل ضمني في فقرة وسائل إسقاط النظام في الميثاق والتي تنص على إتباع كافة الوسائل المتاحة مما يعني استخدام الوسيلة السلمية متى لاحت الفرصة لها .إذا كان لكاتب هذه الأسطر أن يدلي برأيه في هذا الموضوع ، فإنه كان بوده أولاً ألاّ تضطر المعارضة إلى استخدام السلاح ، لكن طبيعة النظام القمعية هي التي تتحمل مسئولية ذلك ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، لمن يجب أن يوجه هذا السلاح ..؟ والإجابة بديهية ولا تتطلب كثير اجتهاد ، لأن السلاح حتى كتابة هذه الأسطر يوجه إلى أفراد الخدمة العسكرية الإلزامية أو إلى أفراد بسطاء في قوات الدفاع الإرترية ، سواء في شكل كمائن وإغارات مفاجئة أو ألغام تدفن لتنفجر إما تحت سيارات تحمل هؤلاء أو حتى مدنيين في بعض الأحيان كما حدث في كل من (عد بدهو وهبرو ) مما لا يجعل أية قيمة حقيقية لهذا العمليات بالنظر إلى تأثيرها على النظام سواء في المفاصل الرئيسية لسلطته السياسية أو مؤسساته الاقتصادية . لهذا لا يجد كاتب هذه الأسطر مناصا من ضم صوته إلى الداعين إلى وحدة المؤسسة العسكرية للمعارضة ، بعد أن استعاد التحالف لحمته ، وأن يكون هدف هذه الوحدة العسكرية ضرب الأهداف التي تؤثر مباشرة على النظام وردع أدواته القمعية التي تكتم أنفاس الشعب ، وحينئذ ستتاح الفرصة للشعب للتعبير عن رأيه سلما ومد يده للمعارضة سرا وعلنا، وهو ما أثبتته تجربة الثورة الإرترية التي لم تبذل قوى المعارضة جهدا لدراستها واستخلاص ما يتناسب منها مع واقع اليوم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى