مقالات

طبيعة الخلافات بين النظامين الارتري والاثيوبي وحكاية السمنارات (الحلقة الثانية): حمد كل

17-Sep-2011

المركز

شهدت منطقة القرن الافريقي مع نهاية عام 1974 وبداية عام 1975 تحولات ومستجدات جديدة.سقط حكم الامبراطور هيلي سلاسي واستولى المجلس العسكري الاثيوبي “الدرق” على الحكم، وفي فترة لاحقة خرجت امريكا من اثيوبيا الحليف التاريخي وتحالف المجلس العسكري مع الاتحاد السوفيتي.لم يكن سهلا او مقبولا للولايات المتحدة الامريكية ان ترى الاتحاد السوفيتي يحل محلها على البحر الاحمر وقريبا من منابع البترول.

ومن هنا بدأ الصراع اشده بين القطبين الكبيرين، الاتحاد السوفيتي يسعى لتكريس نفوذه من خلال تحالفه مع المجلس العسكري الاثيوبي، والولايات المتحدة الامريكية بذلت كل جهودها من خلال حلفائها في المنتطقة لاخراج السوفييت من اثيوبيا.الثورة الارترية ودون ان تشعر دخلت في مازق لم تعرفه من قبل. فالتحالفات في المنطقة قد تغيرت، اليسار بكل فصائله وقف مع الاتحاد السوفيتي باستثناء البعض جامل الثورة الارترية لكن صوته المؤيد للثورة الارترية قد خفت قليلا مجاملة للاتحاد السوفييتي، ام الحلفاء الجدد للثورة الارترية فقد كان دعمهم مربوطا بالاستراتيجية الامريكية. بكل اسف هذه المعادلة الجديدة لم تستوعبها قيادة جبهة التحرير الارترية في ذاك الزمن وكانت احدى العوامل التي ادت الى انهيار تنظيم جبهة التحرير الارترية.الاتحاد السوفييتي منذ البدء قال على الثوار الارتريين ان يتركوا سلاحهم وينضموا للنظام “الثوري التقدمي الجديد في اثيوبيا”. الامريكان في البدء كانوا يقولون ان منجستو هيلي ماريام ليس شيوعيا لكن حزب “مئيسون” هو الذي يؤجج كل هذه الامور وبدعم من الاحاد السوفييتي، ولذلك حاولوا استدراج منجستو هيلي ماريام ومعه بعض من الجلس العسكري الاثيوبي ولهذا فانهم وقفوا ضد سياد بري رئيس الصومال حين دخلت قواته الى الاقليم الصومالي الاثيوبي”اوقادين”.لاحقا اقتنع الامريكان ان منجستو هيلي ماريام لن يستدرج وبالتالي غيروا سياساتهم.الامريكان حتى هذه اللحظة لم يؤمنوا بشرعية الثورة الارترية وحق الشعب الارتري في تقرير مصيره حتى الاستقلال الناجز، لكنهم رؤوا تحويل الثورة الارترية الى ورقة امريكية هم وحلفائهم لانهاك النظام الاثيوبي اما ليتراجع ويطرد السوفييت او اسقاط نظام منجستر والاتيان بنظام حليف لهم، وعلى هذه الاستراتيجية كان يتم دعم الثورة الارترية.بعد منتصف السبعينات برزت في الساحة الاثيوبية المعارضة الاثيوبية المسلحة، لكن للتوضيح كانت في اثيوبيا تنظيمات مسلحة قبل هذه الفترة، بعضها كان مرتبطا بالصومال وبعضها الاخر يظهر ثم يختفي، ربما الحركات المسلحة التي ظهرت لنا بعد منتصف السبعينات كانت موجودة قبل هذا التاريخ لكننا نتكلم فقط ما لمسناه في تلك الفترة، كان الـ EDU والـ EPRP وكان هناك تنظيم للاورومو لا نعرف عنه كثيرا، لكن هذه التنظيمات لم تصمد طويلا الذي صمد وناضل وارتبط بارتريا تنظيم “الوياني تجراي” وهي تعني “الثورة الشعبية لتحرير تجراي”.للتاريخ هناك حقيقة ماثلة لابد من ذكرها، وهي ان جبهة التحرير الارترية في مؤتمرها الوطني الاول في نوفمبر 1971 كانت اول تنظيم في الساحة الارترية من نادى بالتحالف مع القوى الوطنية الديمقراطية والقوميات المطهدة في اثيوبيا، شرطها كان ان تعترف هذه القوى بحق الشعب الارتري في تقرير مصيره حتى الاستقلال، كان في تلك الفترة تنظيم صغير في تجراي يسمي نفسه “جبهة تحرير تجراي” لكنه اختفى بسرعة وبرز في ساحة تجراي تنظيم “الوياني تجراي”. وياني تجراي من البداية اعترفت في كل ادبياتها بحق الشعب الارتري في تقرير مصيره حتى الاستقلال باستثناء الـ EPRP فقد تلكأ في الاعتراف لانه كان يحمل بالرغم من تقدميته الكاذبة شوفينية الامحرا وانتهى معها.الوياني تجراي تعاملت مع جبهة التحرير الارترية والجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، ثم حدث خلاف مع جبهة التحرير الارترية اتهمتهم الجبهة بانهم يحملون اجندة خفية للاستيلاء على اجزاء من اراضي القاش، في عام 1978 حدث صدام عسكري بين جبهة التحرير الارترية والوياني تجراي في “بادمي” هزمت وياني تجراي وتم اخراجها من “بادمي” ثم جرت اتفاقية مكتوبة او معاهدة بينهم تؤكد ان “بادمي” ارترية ويمنع دخولهم الى بادمي الا بتصريح مكتوب جرى ذلك في “شري اندا-سلاسي” باقليم التجراي الاثيوبي.لكن الوياني تجراي بعد هذا الحادث تحالفت مع الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ثم في فترات لاحقة نسقوا معا وقاتلوا جبهة التحرير الارترية، الجبهة الشعبية تعامت او غضت الطرف حين عادت وياني الى “بادمي” من جديد.اغسطس عام 1981 شهدت ارتريا انهيار اكبر تنظيم في الساحة الارترية وهو تنظيم جبهة التحرير الارترية وانفردت الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا بالساحة الارترية.بعد انفراد الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا نسقت مع الوياني تجراي في المجال العسكري بشكل استراتيحي مذهل، فقد خاضوا حروبا ضد جيش منجستو هيلي-ماريام بشكل تنسيقي متطور في ارتريا وداخل اثيوبيا، كانت التجربة القتالية المتقدمة للجبهة الشعبية تدعم وبلا حدود مقاتلي الوياني تجراي. المعركة التي دارت في الساحل الشمالي ينطبق عليها اسم “اكبر المعارك” وهي معركة “نادو از”. فقد هزم فيها الجيش الاثيوبي شر هزيمة وكانت مؤشرا لقرب تحرير ارتريا. كان ذلك في عام 1988. كان منجستو هيلي ماريام يمني نفسه بهزيمة الجبهة الشعبية في الساحل الشمالي واقام معسكرات لاقوى جيوشه وافضل ضباطه ومعهم خبراء سوفييت، وقدم لهذا الجيش عتادا حربيا كبيرا، لكن ارادة الانسان الارتري وايمانه وخبرته القتالية هزمت هذا الجيش، هذه الهزيمة هزت الحكم في اديس ابابا وجاء منجستو بنفسه الى ارتريا وحمل مسؤولية الهزيمة لقياداته العسكرية بل اعدم منهم عدد من الجنرالات، وروع حين علم ان خبرائه السوفييت قد اسرهم الثوار.وفي نفس الفترة اصيب منجستو هيلي ماريام وجيشه بضربة اخرى حين قاد مقاتلي الجبهة الشعبية والوياني تجراي القتال في اقليم تجراي وتحريره، وبالتالي اصبح اقليما عازلا بين ارتريا واثيوبيا، وجاءت الطامة الكبرى على منجستو وجيشه حين تم تحرير ميناء مصوع عام 1990، بعد تحرير تجراي كانت تاتي التموينات للجيش الاثيوبي بارتريا عبر ميناء “عصب” ثم تتجه البواخر الى مصوع واصبح الجيش الاثيوبي في ارتريا بعد تحرير مصوع معزولا تماما ودخل في عنق زجاحة كما يقولون.التنسيق القتالي المتقدم بين الجبهة الشعبية والوياني تجراي استمر على وتائر سريعة والجيش الاثيوبي يمنى يوميا بالهزائم ويهربوا كالقطيع امام زحف الثوار الى ان وصلوا الى مشارف العاصمة الاثيوبية اديس ابابا.وفي ارتريا حررت معظم المدن واصبح مطار اسمرا تحت رحمة مدفعية المقاتلين الارتريين، وبهذا فقد الجيش الاثيوبي في ارتريا كل وسائل التواصل مع اديس ابابا واصبح معزولا تماما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى