مقالات

إريتريا ..مرور عام على سيف العقوبات المصلت : عبد الله محمود

9-Jan-2011

المركز

عام مضى على إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأهم وأخطر قرارته فيما يخص الحكومة الإريترية ودورها في زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي ، هذا القرار الذي يحمل الرقم 1907 والصادر بتاريخ23ديسمبر2010م والذي نص على دخول إريتريا تحت طائلة العقوبات الدولية

بسبب تقديمها( دعما سياسيا وماليا ولوجستيا لجماعات مسلحة تعمل على تقويض السلام والمصالحة في الصومال والاستقرار في المنطقة) ، وعدم سحب إريتريا قواتها من المناطق المتنازع عليها مع جيبوتي ورفضها الدخول في حوار مع جيبوتي أو قبول إجراء اتصالات ثنائية أو قيام منظمات دون إقليمية أو إقليمية بجهود وساطة أو تيسير، أو الاستجابة لجهود الأمين العام.
ونص القرار الذي صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على ( أن تصرفات إريتريا تقوض السلام والمصالحة في الصومال والنزاع بين جيبوتي وإريتريا يشكلان تهديدا للسلام والأمن الدوليين ).
ولقد تضمنت العقوبات الأممية حظراً لتوريد الأسلحة والمعدات العسكرية ،وحظر سفر عدد من المسئولين وتجميد أرصدة وممتلكات الحكومة وعدد من المسئولين والمؤسسات المملوكة للدولة.عام مضى على هذا القرار والحكومة الإريترية تسخر كل جهودها لإحداث اختراق يحول دون تنفيذه وذلك بقيام المسئولين الإرتريين على رأسهم الرئيس الإرتري اسياس افورقي بتكثيف زياراتهم إلى الدول العربية بهدف حشد الدعم والتأييد العربي ضده فيما قامت عدد من الدول والمنظمات الإقليمية مثل الإتحاد الاوروبي والولايات المتحدة واستراليا وغيرها بإعلانها الإلتزام الفوري بتطبيق القرار.
ونظراً لأن الدول العربية ملزمة بقرار الجامعة العربية الذي يساند جيبوتي فقد بادرت الحكومة الإريترية عبر دولة قطر بصياغة وثيقة إتفاق تقضي بسحب القوات الإرترية من المناطق المتنازع عليها مع جيبوتي وقيام الجنود القطريين بتأكيد الإنسحاب عبر تمشيط المنطقة المتنازع عليها . الموافقة الإرترية على الإتفاق الذي تم تفويض أمير قطر بإعداد مسودته جاءت لضمان المساندة العربية لإرتريا في رفضها لقرار مجلس الأمن.
وإذا استعرضنا حصاد جولات الرئيس الإريتري الخارجية خلال العام المنصرم ، على ضوء ما نشرته صحيفة إريتريا الحديثة ، نجدها انحصرت في عدد من الدول لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة حيث قام بثلاث زيارات إلى الدوحة إحداها للمشاركة في توقيع الاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، وثلاث زيارات إلى ليبيا ، وزيارة واحدة إلى القاهرة وأخرى إلى صنعاء بالإضافة إلى الخرطوم التي زارها للمشاركة في تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير بعد الإنتخابات .أما خارج المحيط العربي فلم يزر أفورقي إلا تشاد للمشاركة في قمة تجمع الساحل والصحراء وباريس التي زارها للمشاركة في المنتدى الفرنسي الإفريقي .
أما الرؤساء والمسئولين الذين قامت إريتريا باستقبالهم فهم الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس اليمني علي عبد الله صالح وعدد من وزراء خارجية الدول العربية ومسئولين ، ومسئولين بالأمم المتحدة.
حصاد مناشط الرئيس الإريتري الخارجية ، زيارةً واستقبالاً ، يعكس حجم العزلة التي تعيشها إريتريا بين دول العالم ، كما تشير إلى قضية أساسية مفادها أن أسمرا قد اتجهت عربياً بعد أن قلبت لها دول العالم ظهر المجن ، وأصبحت تراهن على الدور العربي لإخراجها من مأزقها الراهن، ضمن هذا السياق يمكن قراءة الإشارات الإيجابية التي أرسلها أفورقي للجامعة العربية بتثمين دورها وحرصه على التعاون معها بخلاف موقفه السابق الذي اتسم بالتطرف تجاهها.
والإتفاق بين جيبوتي وإريتريا الذي صاغت مسودته دولة قطر ، على الرغم من تقليل أفورقي من شأنه وتجاهله ، إلا أنه أسهم في تخفيف حدة التوتر العربي تجاه إريتريا ورفع الحرج في التعامل معها ، كما أن الترحيب الذي وجده من الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية يشير إلى أن النظام الإريتري قد استطاع تجاوز الشق الأول من أسباب قرار العقوبات ، رغم عدم إقرار إريتريا بنزاعها مع جيبوتي في رأس دميرة وحزيرة دميرة وفق ما نص عليه قرار العقوبات في جانبه المتعلق بالشأن الجيبوتي حيث دعا أسمرا ، في الفقرة الثالثة ، لسحب قواتها من المناطق المتنازع عليها مع جيبوتي ، والإقرار بنزاعها الحدودي مع جيبوتي في رأس دميرة وجزيرة دميرة وتنفيذ التزاماتها الدولية . إلا أن الرئيس الإريتري اسياس افورقي مازال يصر على أن المشكلة بين جيبوتي وإريتريا (مفبركة) .
أما الشق الآخر من أسباب قرار العقوبات المتعلق بالشأن الصومالي ودعم أسمرا للمسلحين الصوماليين ما زال باقيا دون أن تتمكن إريتريا من إقناع المجتمع الدولي بأنها قامت بخطوات عملية على صعيد إيقافها جهدها المساند للمسلحين الصوماليين.
ولم ينس مجلس الأمن ،في قراره ، ان يستند على سياسة العصا والجزرة حيث نصت الفقرة 21 على تأكيد مجلس الأمن على ( أنه سيبقى تصرفات إريتريا قيد الاستعراض وأنه سيكون على استعداد لتكييف التدابير، بما في ذلك تعزيزها أو تعديلها أو رفعها ، في ضوء مدى امتثال إريتريا لأحكام هذا القرار).
خلاصة القول فإنه بناءاً على عدم التزام إريتريا بالقرار في شقه الصومالي ، والإلتزام المنقوص فيما يتعلق بالشان الجيبوتي فمن المتوقع أن سيف العقوبات سيظل مصلتاً على عنق أسمرا وربما يتم ترفيعها إذا لم تقم الأخيرة بإحداث تغييرات حقيقية في تعاطيها مع الملف الصومالي.
* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي-صحيفة الوطن السودانية -7يناير2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى