مقالات

عقوبات في المكان الخطأ : فيصل محمد صالح*

28-Dec-2009

المركز

أصدر مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، قرارا يدين دولة اريتريا، وقد صدر القرار(1907) ، بسبب المساعدة التي يقول أعضاء المجلس إن إريتريا تقدمها للمسلحين في الصومال، وشملت العقوبات حظراً على الأسلحة وتجميد أصول وحظراً للسفر على اريتريا، وعلى أفراد وشركات سيتم تحديد أسمائهم من قبل لجنة عقوبات قائمة، وقد أيده 13 من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر.

انقسمت الآراء هنا في الصحافة السودانية، وفي المواقع الإسفيرية، بين رافض ومرحب بالقرار، من منطلقات مختلفة. وما يصعِّب اتخاذ قرار صحيح في مواجهة عقوبات مجلس الأمن على اريتريا، هي أنها لم تصدر للأسباب المتوقعة منذ زمن، وإنما بسبب قلق الحكومات الغربية، وبعض العربية، من دعم اريتريا للحركات الدينية الإسلامية المسلحة التي تحارب ضد القوات الحكومية. تعيش اريتريا وضعاً صعباً منذ سنوات الحرب مع إثيوبيا، فقد بدأت مساحات الحرية تضيق حتى على أبناء الحركة الواحدة، حتى جمعت السجون بين مؤسسي وقيادات الجبهة الشعبية والحكومة فيما عرف بمجموعة الخمسة عشر، ومن بينهم نائب الرئيس محمود شريفو، والوزراء السابقون هايلي ولد تنسائي وبطرس سلمون، وعدد من المسؤولين الآخرين بينهم صديقنا حامد حمد، ونجا وزير الدفاع السابق بسبب وجوده خارج البلاد. وبعد العزلة الدولية التي أطبقت على اريتريا وتجاهل العالم لأوضاعها، ساءت الأمور أكثر ،سياسياً واقتصادياً ومعيشياً، وصارت البلاد طاردة لأهلها، مما دفع تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية للقول بأن الحكومة الإريترية تحول الدولة بأسرها إلى سجن عملاق. ويشهد على ذلك عمليات الهروب المستمرة للاجئين، خاصة الشباب عبر الحدود. وفي تقرير المؤشر العالمي لحرية الصحافة تحتل إريتريا المركز الأخير على مستوى العالم (175) ، بينما جاء السودان في المركز (148) ،وتحتفظ ارتريا بالموقع الأخير وتتناوبه منذ سنوات مع دول شبيهة بسبب قمعها للصحافة الحرة واعتقالها المستمر للصحفيين. هذا القول صعب علينا ، خاصة على المجموعات من جيلنا التي تعاطفت مع الثورة الإريترية وأخذت جانب الجبهة الشعبية لما رأته فيها من جدية وثورية، وكذلك لمحبتنا للأشقاء الإريتريين بغض النظر عن المواقف السياسية.، لكن الحق يجب أن يقال، فحكم الجبهة الشعبية تحول إلى حكم فرد لا يقبل رأيا ولا يسمع غير صوته، والشعب الإريتري الذي نعرفه ونحبه يستحق أفضل من هذا، ويستحق تعاطف العالم معه ومع حقه في الحياة الحرة الكريمة. لكن الذي يغيظ أن العالم ومؤسساته الدولية،بما فيها مجلس الأمن، كلها ظلت تتفرج على معاناة الشعب الاريتري دون أن تتحرك لمساعدته، وما دفعته للتحرك وفرض العقوبات إلا المصالح الغربية التي تتهددها الأوضاع في الصومال. إن لم تكن انتهاكات حقوق الإنسان والقمع المستمر للحريات والمئات الذين تمتلئ بهم السجون الإريترية دون أن يعرف أحد مصيرهم، كافية لأن يتحرك مجلس الأمن والمنظمات الدولية لمساعدة وإنصاف الشعب الإريتري، فلسنا ملزمين بالترحيب بقرار عقوبات بسبب مساعدة اريتريا للمعارضة الصومالية، فأي نظام في المنطقة لا يساعد المعارضة المسلحة لدول الجوار؟ لا أحد ، كلهم يفعلون. * صحيفة الأخبار السودانية – 28/12/2009م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى