مقالات

متاهات وهتافات :النار من مستصغر الشرر والجمرة تحرق (الواطيها)! ..كرار هيابو

16-May-2005

كرار

يمر عام ، ونستقبل آخر ، ولم يطرأ أي جديد على حالنا وأحوالنا. وهاهو العام 2005 ينتصف بنا ونحن على أبواب عيد الإستقلال المجيد . الأفق هو الآخر لا يحمل أمام وجوهنا أي جديد ، وكل ما يظهر فيه هو مجرد خيوط قديمة ،

بل وان الرؤية نفسها لا تتضح بما يكفي لسلك طريق يبعد عنا خطوة أو خطوتين . كل شيء أضحى ضبابي ، والصورة باتت صورة باهتة ، لا يظهر من معالمها الا كل قبيح . وما يصل مسامعنا من أصوات أضحت منفرة أيضا وغير محببة الى النفس والى القلب . هذا يحدثك عن ذك ، حديث الكراهية التي بينهما ، ويحدثك عن نوايا سيئة لو مكنه منها الزمان لفعل فيه ما لم يفعله الذئب في الشاة وهو يتغذى على لبنها.الحسد يعشعش في القلوب المتحجرة ، وإذا حلت مصيبة أو كارثة قال أحدهم حوالينا لا علينا، فالقلوب اشد قسوة من الحجارة. حديث القوارير هو الآخر تجاوز العتبات ، وخرج الى الفناء ، بل ومد لسانه الى مجالس الرجال متحديا بذلك سماحة العادات والتقاليد ، ومضى الى ركن متوغلا الى إعماق نفوسٍِ ما عادت تروج الا للقيل والقال .( من غشنا فليس منا ) ، وعلى الرغم من ذلك فاننا ننافق حتى النخاع ، ونرائي الناس ونذهب بعقولهم . نُقَيِمُ شخصا ماء ، فنبدأ بالبحث عن خلفيته ، والغوص في أعماق ماضيه ، شلته ومجموعته ، وان أمكن منشأه ، ليس لدراسة الشخصية وأبعادها المختلفة ، وإنما للتحايل عليها والنيل منها ، ثم محاصرتها بقدر من التشكيك في قدرتها على التأثير على الرأي العام من حولنا .هذا الغلو في إلغاء الآخر ، والتمادي في محاولة إقناع الذات بممارسة تكرار السرد للأشياء ، وتقديمها في شكل قصة واقعية للآخرين ، يجعلنا نتحول مع كل صباح الى مجتمع يجيد فن إقتراع القصص البطولية ، وكل فرد يضرب حول نفسه سياجا من خيال العقل حتى يصبح شيئا ملموسا ، ويكون له بين أقرانه شأنا . وفي الواقع فان لدينا شلليات مبنية على التماثل الأخلاقي ، والتطابق المزاجي من حيث المنبت والمنشأ ، وظروف التطور ومراحله . وانك لن تفاجأ بأحد معارفك وهو يتبنى فكرة ما لأنها وببساطة جاءت من دماغ أحد معارفه أيضا ، وربما ابن مدينته . فيحدثك حديث العارفين عن المدينة ، عن شوارعها المتناهية ، واسواقها العتيدة ، مداخلها وأزقتها ، وأعمدة الإنارة وتلك التي تعلوها الكؤوس البيض التي تتوسطها صورة الأسد والعلم الملون . ويتمادى في التفاخر كأنما يحدثك عن مدينة وحيدة من حولك ، او كأنما وضع هو أسس قيامها فوق الأرض ، متناسيا بذلك امتداداته البعيدة خارج أطرافها ، وقبل ان يصل اليها أحد أبواه بغرض العمل أو العلم ، أو الإلتحاق بأقارب ، تماما مثلما يفعل الناس بسبب الحياة ، ومن أجل الكسب .ليس العيب أن تعرف تفاصيل الأمكنة التي عشت بها ، وهذه بحد ذاتها تعد ثقافة بيئية ، إنما العيب أن تقوم بدور التمثيل لما يحدث من حولك كأنك انت بطله ، أو أحد معارفك من تلك الشلليات. يحكى أن إمرأة من ذات الصنف دأبت على القسم امام أفراد اسرتها وكانت تقول: ( أنا … حتكا … الرسول…. ) أي أنا أخت الرسول ، وكبر الأبناء على هذا القسم ، يسمعونه حين تغضب أمهم وتثور منفعلة ، وعاش من حولها كثيرون يعتقدون بصلتها بالرسول (ص) . وقد تجرأ أحد الأبناء ذات يوم وسألها: ( إنتي .. يما .. كلدول .. حتكــا الرسول … تبلينـا … هتــو … الرسول… مهايكيتــو …) مستفسرا عن صلة القرابة التي تربطها بالرسول . فإنبرت الأم قائلة: ( أبعـبـكـا … والرسول .. أكِـلْ … حايد … توم ) مشيرة باصبعين متساويين ، ثم أردفت قائلة: (لاكين… أبـعـبـكــا … كاب .. شوية … بـلـح .. لبلو) ! في محاولة إثبات الذات . هناك من ينظر الى الآخرين هذه النظرة ، نظرة المرأة لحالها ، وهناك من يعتقد وللأسف بصلاته بالأولياء والصالحين ، وان صلته هذه تعفيه عن ادائه الشعائر ، وتسقط عنه الواجبات . وبهذه النظرة ايضا يسقط الوطن من حساباته ، ويسقط معه كل ما يتعلق به من شعب وسيادة وحدود . هذه الحالات صاحبتنا في مجتمعنا الثوري ، وانتقلت معنا الى المجتمع المدني ، ولا يزال الخيال ينسج قصصه من نفس النوع ، ولايزال المجتمع ينحدر الى القاع في غياب الوعي بأهمية المشاركة الفعلية والانصهار الاجتماعي والتواصل بين أفراده .الوطن يربض على صفيح بركان من بارود لعله يشتعل في لحظة ما أو ينفجر ، والحرب تحدق به من كل جانب ، وتدنو منه مع اشراقة كل صباح ، والسلام لا تبدو تباشيره قريبة ، بل لا يزال بعيد المنال ، فالبلد اقرب الى السلام منه الى الحرب . وقراءتنا للواقع لا تخرج عن حال ما نعيشه في ظل تلك الشلليات ، والإعتزاز الذي نشعر به لصلاتنا المزعومة بالأولياء والصالحين ، ونتمادى في إلغاء الآخر قبل أن يكون لنا ما نمسك به .الذين يدعوننا الى تغيير الأوضاع السياسية في الوطن بطرق سلمية ، من بينهم أيضا من يدعو اليه باستخدام السلام ، وصحيح (اختلاف أمتي رحمة) ، لكن هدف الحرب المعلن لتغيير الحالة بما يسمح به من تداول السلطة وتبادلها ، هو غير الأهداف السرية غير المعلنة ، وما خفيت من اهداف تظل أعظم . ان كان التداول غاية بحد ذاتها دون رؤية مستقبلية ، فليذهب ومن ورائه الى الجحيم ، وان كان وسيلة لبحث سبل حياة آمنة وكريمة ، فأعيدوا الينا عبر سلاحكم هذا تلك القرى العزيزة الى نفوسنا .الحرب والسلام خياران ، الأول نار من مستصغر الشرر ، لا يحتاج الى كثير عناء لإشعاله ، والثاني وإن تحقق فمن الصعب الحفاظ عليه ، خاصة اذا كنا مجتمعا هذه صفاته ، فأيهما يا ترى نختار في ظل التيه.!آخر الهتاف:وطني وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنو ا كرام——-حـدَقــًونـِـي….مًسًلً حَـوًيـي حَيًسَـِني إيـمُـوتْ مْسْـلـومْ واْْْنـبـَرْhiabu1_k@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى