مقالات

هل تقود التكتلات الاخيرة فى تحالف المعارضة الى حوار صريح بين مكونات المجتمع الارترى: محمدصالح مجاوراي*

30-Apr-2009

المركز

استبشرت كثيرا بالانبــاء التى تتحدث عن لقاءات ونقاشات جادة بين كل من جبهـة التحرير الارترية وحركة الاصلاح الاسلامى الارترى والحزب الاسلامى للعدالة والتنميــة والحركة الفيدراليــة الارتريــــة للوصول الى مظلــة سياســة تنضوى تحتها كل القوى المذكورة أعلاه. ولوحصل ذلك ستكون هذه خطوة متقدمـة للمعارضة الارتريــة فى المسار السياسـى الهادف الى اسقاط نظام اسياس أفورقى الدكتاتورى. فهذه القوى بلاشك تمثل – مجتمعة- غالبيــة المسلمين فى ارتريـــا وبرامجها تعكس قضاياهم وهمومهــم. ونتمنى أن يلتحق كل من حزب النهضـة والمؤتمـر الاسلامــى والقوى المشابهة الاخرى بهذه المظلة.

القواسم المشتركة بين هذه القوى –وان اختلفت مسمياتها – أكثر بكثير مما يمكن أن تختلف فيــه فكلهـا تسعى الى الحفاظ على هوية الشعب الارترى المسلم ولغتــه التى يسعى النظام جاهدا لطمسها والحفاظ على الارض ومحاربة المستوطنين الجدد الذين يستولون على أراضى غيرهم مستخدمين سلطة النظام الحالــى. كما أن جميع هذه القوى تنشد نشــر العدل والحريــة فى ارجاء الوطن – ذلك الحلم الذى من أجلـه قاتل الارتريــون أكثر من ثلاثين عاما ليستيقظوا بعده على واقع مـر أليــم أصبح الوطن فيه سجنا كبيرا يتمنـى أفراده- بل يخاطروا بحايتهم للخروج منه .لـذا فان جميع هذه القوى قيادة وقاعدة التنبــه لهذا الامـر والتركيز على القواسم المشتركة والعمل على تحقيقها بدلا من تفعيل الخلافات على أمـور ليس وقتها. بل ان التركيز على الخلافات بين هذه القوى فى الوقت الحاضرالذى فقد فيه الشعب الارترى أبسط حقوق الانسان فى أرضه لهو ضرب من العبث والترف الفكــرى وانعدام المسئوليــة السياسيــة. تنظيماتنـا مطالبـة بـأن تكون على مقربة من هموم شعبها ومعاناته وأن تفرق بين ماهو أساسى وضرورى فى هذه المرحلة وبين ما يمكن تحقيقه مستقبلا من أمور هامة ولكنها لاتصل الى مرحلة الضرورة. انمايفتقده أى ارتـرى اليوم فى ارتريــا وماهو بأمس الحاجة اليه فى الوقت الحاضر هو ليس نظرية سياسية للحكم بعينها أو برنامج فكـرى يتبنــاه تنظيـــم ما وانمـا الامـر أبسط من ذلك, انه يفتقد حرية وأمنا وعدلا – حرية فى أن يسافر من مدينة الى مدينة أخرى داخل وطنه أو خارجه دون أن يحتاج الى تصريح من السلطات. وأن يعيش على أرضـه دون خوف من بوليس سرى يمكن ان يقتاده فى اى وقت خارج بيته الى جهة غيرمعلومة. انه يريد أن يترك ليجرى وراء لقمة عيش أطفاله لا ان تزيد معاناته بهم الاختباء المستمر من الخدمة العسكرية التى لم تترك حتى من هم فى سن الخمسين. كماانه يريد عدلا فى التعامل وأن يعامل المسلم كالمسيحى فى المعاملات دون تمييز وأن تحترم لغته العربية وتكون لها مكانتها كاللغة التجرنيـــة والايفرض عليـه تعلم لغــة بعينهـــا على رغم أنفــه. ان الشعب الارترى كغيره من شعوب العالم يريد ان يرسل أولاده الى المدرسـة كل يوم ليتربو ويتعلموا الاخلاق الفاضلة بدلا من ثقافة العهر (والكندوم). فهل هذا عصى على الفهــم ياقادتنــا. ان الشعب الارترى لايهمه فى سبيل ذلك ان يكون على رأس الحكم أيا كان , مسلما كان أم مسيحيا, اسلاميا كان أم علمانيا. بل لاأبالغ ان قلت ارتريا كان أم اجنبيا حيث أن الاضطهاد الحاصل اليوم فى ارتريـا – ومن ارتريين – يجعل أى انسان طبيعى يكره البقاء فى وطنه بل ويحن أحيانا لأيام الاستعمار. فالاوطان لاتعشق لذات ترابها وسماءها وانما للمعانى والذكريات الجميلة التى تحملهـا ولشعور المواطن فيها بانه بين أهله وذويه وثقافته ولغتـه. فان انتفت هذه المعانـى صارت الاوطان طاردة وهذا مانراه اليوم فى تدفق المئات من الارتريـــين يوميـا الى اثيوبيـا والسودان.تقارب التنظيمات المذكورة وانضوائها تحت مظلة واحدة سيعطيها وزنا وقــوة داخل التحالف الارترى المعارض وستكون رقما صعبا لايمكن تجاوزه فى أى حل مستقبلــى للوضع القائم فى ارتريـــا. وهذا سيمكنها من لعب دور ايجابى لايجـاد حــل للوضع الراهن ووضع أسس صحيحـة لمستقبل الحكم فى ارتريـا مع قوى المعارضـة الاخــرى وخاصة تلك التى تمثل الجانب المسيحــى فى غالبيتهــا. ان الوضع الراهن اليوم فى ارتريا يتطلب حوار وطنى صادق وصريح بين القوى السياسية والاجتماعية والدينية التى تمثل المكونات الاساسية للمجتمع الارترى، يناقش فيه تداعيات الوضع الراهن على الجميع وخاصة ما يتعرض له الطرف المسلم من اضطهاد وتمييز فى المعاملـة وطمس للهويــة والاستيلاء على الاراضى، ومايمكن أن يترتب على هذه السياسة من تأثير على النسيج الاجتماعى والتعايش السلمى بين المسلمين والمسيحيين على المدى البعيـد ، وأن تكون هناك مطالبة لادانة هذا الامـــر ونشر خطورته فى تجمعات الجانب المسيحى. هذا الامـر مهم لاستقرار ارتريــا مستقبلا فيما بعد مرحلـة أسياس، حيث أن جريرة مايجرى الان سوف لن تقع على رأس النظام وحده فى حال وصل الاضطهاد الجـارى على المسلمين درجـة الانفجار الداخلــى ووصلت الامـور الى مالاتحمد عقبــاه. فعندهـا تخرج الامـور عن السيطرة ويكون هناك تطهير عرقـى أو دينى أو مناطقى لاسمح اللــه. والامثلة من حولنـا كثيرة فماحصل لدول مثل العراق والصومال وروانـدا ليس منا ببعـيــد. وكلنا عرف وشاهد ما حصل لسنة العراق بعد سقوط صدام وكيف أخذوا بجريرة صدام لانتماءه لهم مع أنهم لم يسلموا من أذاه. وقد يقول قائل حتى بعض المسيحيين اليوم مضطهدون وهذا صحيح ولكن الفارق بين الاضطهادين كبير فاضطهاد بعض فئات المجتمع المسيحى بدأ فى الاونـة الاخيرة بينمـا المسلمون عانوا من اضطهاد هذا النظام حتى منذ ماقبل الاستقلال. أما الفارق الاكبر بين الاضطهادين هو ان اضطهاد المسلمين الاساسى فى أمور الانتماء والهوية والدين بينما اضطهاد الطائفة الاخـرى سياسـى فى غالبه ويتعلق فى حق المشاركة لبعض المناطق فى القرار السياســى، والفرق شاسع بين الاثنين. انطلاق الحوار بين مختلف تنظيمات المعارضة الارتريــة المختلفة والتى بلغت أكثر من أربعة عشر فصيلا ومن ثم اعادة تجميع نفسها تحت مظلات سياسية كبيرة حسب تقارب انتماءاتها وبرامجها وهموم قواعدها لتكون مظلتين أو ثلاث تمثل المكونات الاساسيــة للمجتمع الارتــرى لهو أمـر جيد يجب أن يرحــب بــه. حيث أن هذا التطور سيؤدى الى انجاح الحوار الوطنى المنشود بين مكونات المجتمع الارترى والذى نحن بأمس الحاجة اليه فى الوقت الحاضر حتى يمكن انقاذ هذا الوطن من الهاوية التى يتجه اليهـا. الحوار الوطنى بدأه تحالف المعارضـة الارتريــة حيث تم التوصل فى الحوار بين القوى السياسية المختلفة الى ميثاق وطنى يمثل الحد الادنـى لما يمكن الاتفاق عليـه سياسيا. ولكن يجب أن لايقتصر الحوار الوطنى على القوى السياسية فقط بل ان ينتظم هذا الحوارأيضا القوى الاجتماعيـة والدينيــة للشعب الارترى وخاصة لدى جاليات المهجـر. أقل مايمكن أن يحققه مثل هذا الحوار من نتائج على الصعيد الاجتماعى هو أن يجعل الجميع يشعر بخطورة الاحتقان الحاصل ولعل ذلك يقود الى نوع من التعاطى الايجابى مع قوى المعارضة فى التحالف التى تحاول تغيير الوضع القائم.ان مايجرى فى ارتريـا اليـوم من كبت واضطهـاد واعتقالات ومصادرة الاراضـى والحريات وخاصة فى جانب المسلمين انما سيقـود الى حرب أهليـة لايعلم مداهـا الا اللــه ان لم يتداركنا اللــه بلطفه ومن ثم عقلاء فى هذا البلد يدركوا عواقب الامـور ويتمكنوا من توجيه دفة السفينة الى بر الامـان قبل وصولها الى الهاويــة. لـذا يحق لـى ولغيرى ممن يراقب الوضع الارترى أن يدق ناقوس الخطـر وأن يردد أبيات الشاعر الأموى:-أرى خلل الرمـاد وميض نـار ويوشك أن يكون لـه ضــرامفان لم يطفهـا عقـلاء منــــــا يكون وقودهـا همــم وجـــام* الولايات المتحدة الأمريكية E-mail: majawray@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى