مقالات

مقتل زعيم القاعدة ومستقبل الحرب على الإرهاب بالقرن الأفريقي / محمد أبوحامد *

5-Jul-2011

الموقع

وأخيرا..نالت الولايات المتحدة الأمريكية من غريمها الأول زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في عملية نوعية في منطقة على مشارف العاصمة الباكستانية إسلام اباد في الأول من مايو الجاري، وذلك بعد معلومات مخابارتية ناجحة شاركت فيها أكثر من جهة في الداخل والخارج وأن كان الجانب الرسمي الباكستاني قد اعتمد النفي بصورة رسمية

، إلا ان محللون يستبعدون ان تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من الوصول إلى بن لادن وإتمام عملية كبيرة بهذا الشكل بمفردها إلا إذا كان هناك خيوط تعاون على أكثر من مستوى مع الجانب الباكستاني حقق المراد وهو قتل العدو الأول لأمريكا وليس اعتقاله نظرا لما سيثيره ذلك من ردود أفعال من أتباعه قد لا تتوقف طيلة فترة محاكمته وربما ذلك السبب الأول في التفكير في التخلص من الرجل بصورة مباشرة متى ما سنحت بذلك الظروف وليس محاولة القبض عليه حتى وان بدى ذلك للبعض ممكنا بالنظر إلى ملابسات الظروف التي قتل فيها.وقد ذكرت مصادر متطابقة ان عملية تصفية بن لادن لم تستغرق ساعة واحدة، وهو ما يرجج فرضية ان الرجل ومقربيه اخذوا على حين غرة، وهذا كما يقول متابعون يعد نجاحا لآلة المعلومات والمخابرات الأولى في العالم أو ما تعرف بـ CIA.وتوزعت ردد الأفعال بين المستبشر خيرا بقرب نهاية الحرب على الإرهاب والانسحاب الأمريكي من بلدان دخلتها باسم مطاردة بن لادن والقضاء على القاعدة ومكافحة الإرهاب وغير ذلك من المسميات، وبين فريق متشكك بان نهاية بن لادن لا تمثل نهاية فعلية لتنظيم القاعدة بل ان الخوف سيتعاظم من ان يؤدي مقتله إلى ردود أفعال دموية من أتباعه عبر العالم، خاصة بعد سخط البعض حول طريقة إعدامه دون محاكمة وإلقاء جسده في البحر وغير ذلك من مما أثير حول ملابسات تصفيته بعد عشر سنوات ظل فيها هذا الرجل لغزا حير خبراء الأمن واعجز التكنولوجيا عن كشف مكانه حتى توسعت شبكة تنظيم القاعدة وتعددت العمليات التي يقوم بها في أكثر من بلد حول العالم وبخاصة البلدان العربية والإسلامية وهذا ما يؤكد القول بان عمليات القاعدة راح ضحيتها المسلمون أكثر من غيرهم، وكل ذلك كان يحدث فيما كان العالم يتبع إجراءات استثنائية في تجفيف منابع دعم القاعدة ومراقبة عناصره ومطاردتهم.بيد ان الأمر اللفت، هو عدم المسارعة بالتعليق من قبل مجموعات تدعي صلتها بالعدة وهي تنشط في مشارق الأرض ومغاربها التعليق بصورة رسمية حول مصرع زعيم القاعدة على يد الأمريكان، فمثلا الجماعة الإسلامية في باكستان وحركة طالبان الأفغانية ومجموعات تزعم صلتها بالقاعدة في العراق وجماعة الشباب الصومالية وهذه الأخيرة أعلنت في العام الماضي إنها على تبعية مع تنظيم القاعة وزعميه، وإنها لم تتردد في تنفيذ أوامر زعيم القاعدة وتعتنق أفكاره بصورة كلية، وأكدت في أكثر من مرة إنها على استعداد لإرسال مقاتلين له إلى اليمن او إلى جزيرة العربية فيما إذا احتاج القاعدة لذلك.كمان كان زعيم القاعدة يشير في أكثر من خطاب له إلى الصومال وتنظيم الشباب ودوره في المنطقة والصومال وفي محاربة الحكومة الصومالية والقوات الأفريقية ومن يصفهم بعملاء الغرب والأمريكان، فضلا عن ان كثير من الخبراء كانوا يؤكدون ان حركة الشباب الصومالية كانت تتبع في كثير من عملياتها نهج القاعدة المستورد من العراق وباكستان في عمليات التفجيرات والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية وغير ذلك من أساليب أدخلتها القاعدة في عملياتها داخل المدن والمناطق الآهلة…لكن ما هو مستقبل تلك الجماعات بعد مصرع زعميها..وهل ستستمر وتيرة الحرب الأمريكية على الإرهاب خاصة في القرة الأفريقي وأفريقيا عموما بذات النسق التصاعدي الذي ظلت عليه في السنوات الماضية؟.كل ذلك وغيره منذ بدأ الحرب الأمريكية على الإرهاب فان منطقة القرن الأفريقي كانت في لب هذه العملية، حيث أرسلت إليها وحدات مكافحة الإرهاب من ائتلاف الدول الغربية ولا تزال تتخذ من جيبوتي في شرق أفريقيا مقرا لها بقيادة أمريكية، وطالما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحالفات أمنية مع عدد من دول القرن الأفريقي خاصة في مجال تبادل المعلومان والاستخبارات والدعم العسكري والفني في الحرب على الإرهاب.وقد اكتسبت منطقة القرن الأفريقي او شرق أفريقيا بصفة عامة أهميتها في خضم هذه المعركة منذ العام 1998 عندما حدثت تفجيرات لسفارات أمريكية في كل من كينيا وتنزانيا وأعلن تنظيم القاعدة المسئولية عنها، وذلك عبر عناصر قيادية تابعة له كانت تتحرك في دول المنطقة قبل ان تختفي عن الأنظار بعد ان اشتدت عليها القبضة الأمنية بعد هجمات سبتمبر 2001.ولم تغفل الولايات المتحدة الأمريكية منطقة الفرن الأفريقي طيلة السنوات العشر الماضية من حربها على الإرهاب، وكانت تتوقع بروز تشكيلات ووحدات جديدة غير منظمة تابعة لتنظيم القاعدة في المنطقة تتشكل منها الخلايا النائمة، وربما يجادل البعض بان ظهور حركة الشباب الصومالية بعد حقبة المحاكم الإسلامية نهاية العام 2006 كان نتاج صحوة تلك الخلايا النائمة للقاعدة، وهو ما دفع بسلاح الجو الأمريكي إلى توجيه أكثر من ضربة جوية إلى مناطق في جنوب ووسط الصومال سقط خلالها عدد ممن يعتقد إنهم قيادات القاعدة.عموما اليوم وبعد مقتل زعيم القاعدة، فان المراقبين يعتقدون، بان نشوء حالة من السكون والجمود في التعاون بين الأجهزة الأمنية الأمريكية ونظيرتها في البلدان التي كانت تتحالف معها في الحرب على الإرهاب سيكون ممكننا، حيث ان مقتل بن لادن يمثل ذروة نجاح ذلك التنسيق الأمني من اجل تقليم أظافر القاعدة عبر العالم، كما أن بقاء زعيم القاعدة طليقا كان يشكل القوة والدافع والحافز المستمر لذلك التعاون والشعور ببقاء الخطر في أية لحظة.كما وان العالم العربي والذي إليه ينتمي أسامة بن لادن وفعل الكثير لتجنيد الشباب العرب ودفعهم لتبني أفكار القاعدة القائمة على الجهاد المسلح، هذه العالم العربي يشهد اليوم ثورات شعبية سلمية بعضها أطاح بأنظمة وبعضها الآخر لا يزال مستمرا، وهذا في حد ذاته اعتبر انقلابا على فكرة القاعدة والتي لم تعد ممكنة للكثير من العوامل والاعتبارات، حيث ان الثورات الشعبية العربية أصبحت تجتذب كل فئات الشعب وليس هناك أيدلوجيا أو فكر سياسي معين تستظل به كما هو الحال في فكر القاعدة الموصوف بالإقصاء، وبالتالي فان المطلب الرئيسي وهو التغير أصبح يتحقق بأدوات مختلفة تماما مما تنتفي معه آلية التغير التي تتبناها القاعدة، هذا فضلا عن شكل حكم الإمارة الإسلامية ودولة الخلافة الذي تنشده القاعدة والذي لا يستوعب التطلعات ولا يقبل التعددية وغير ذلك من الصفات التي تصف فكر القاعدة “بالرجعي”.وعلى ضوء كذلك المعطيات، فان زواج المصلحة الذي دام لعقد من الزمان بين أنظمة في منطقتنا العربية وكذلك على صعيد القارة السمراء وبين الولايات المتحدة الأمريكية قد فقد أهم عوامل استمراره بمقتل بن لادن الرابط الذي الف بين قلوب متناقضة كما يرى الكثير من المحللين، حيث استغلت حكومات تعاونها الأمني مع واشنطن كغطاء لممارسة القمع وتكريس نظام الحزب الواحدة وضرب الحريات العامة، وكانت أمريكا متورطة في تدعيم أركان هذه الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة طالما ان ذلك يحفظ لها مصلحتها.أما اليوم وبحسب الأوساط السياسية والإعلامية، فان الجميع يجب ان يقف أمام حقائق ومعطيات جديدة افرزها مقتل بن لادن، وذلك من اجل ترتيب وتقيم الأوضاع، وبناء علاقات نزيهة وعلى أسس جديدة تقوم على مصالح الشعوب وليس حسابات أمنية ظلت تستفيد منها أنظمة سياسية قمعية والمحسوبون عليها.والحال أيضا ينطبق على المجموعات التي ترتبط بالقاعدة وتعلن ولائها له، فالبتأكيد إنها ستدرك انه عهدا جديدا قد بدأ يتشكل وان مرحلة ما قد انقضت، وبالتالي سيتطلب ذلك مراجعة نهجها الموصوف “بالتطرف” هذا ان أرادات ان تكون في ركاب التغير السلمي ونبذ العنف.! * كاتب ومحلل في شؤون القرن الإفريقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى