مقالات

منتدى نادي القصة السوداني رقم (9):الفضاء الإبداعي الإرتري – القصة القصيرة كمدخل

7-Dec-2006

المركز

رصد ومتابعة : عاصم الصويم
لسان الدين الخطيب : مفتاح الحل لكل ماهو إرتري يكمن في الثنائيةيفتتح الأستاذ لسان الدين الخطيب ورقته بالإشارة إلى مفهوم الثنائية على أساس أنها مفتاح الحل والفهم الصحيح لكل ماهو إرتري مثلا :-

المرتفعات / المنخفضات المسيحية / الإسلامترحاس / أمونهمسفن / محمدولا يعتبر الأدب الكتوب مدخلاَ جيداَ لإضاءة الواقع الإبداعي الإريتري لأن غالبية الشعب الإريتري يستطيع التفاهم مع بقيته إما عن طريق اللغة العربية أو التقرنيا لكنه لايستطيع قراءة أيٍ من اللغتين وأعني ذلك أن معرفة هذه اللغات في الغالب الأعم لاتتجاوز المعرفة الشفاهية ، أزمة المثقف الإريتري الحقيقية هي أن ماينتجه ويكتبه غير مقروءبشكل واسع ، إضافة إلى أن المثقفين الإريتريين لايعرفون مايكتب بعضهم البعض وسبق أن تناولت هذه المفصلة في عمودي الراتب بالجريدة العربية ” جماليات ” لكنه قوبل بحساسية أمنية .الكتابة الإبداعية الإريترية القصة القصيرة تحديداَ هي تعبير واضح عن مأزق المكتوب في إريتريا وبهذا التعميم يكون الغائب عنّي كثيراَ ذلك لأنّي لا أعلم ماذا يكتب مثقف ومبدع لغة ” البلين أو الساهو أو النارا” مثلاً كما أني لا أستطيع أن أقول أنهم لايبدعون أو لايكتبون لكني أجزم أن المثقفين في هذه القوميات يقرأون أو يكتبون بإحدى اللغات الثلاث الرئيسية :العربية /التقرنية / التقري.إن أزمة لغة التقري بالرغم من جمالياتها وشاعريتها وحنانها” لغة حب” إلاَّ أنَّ مزاج وهوى مثقفيها عربياً ومن مبدعيها داسالي برخات.. محمد حاج موسى ..مسمر عندوماريام ، باولوس نتاباي، أسناي، ودي أكلا، سليمان عبي . أما التقرنية كلغة فقد وجدت مهتمين بها ومتحمسين لها عكفوا على تطويرها وهي لغة إستفادت من كل المحيط وإستلفت منه دون حساسية مفردات أو جمل في بعض الأحيان كالعربية والإيطالية والإنجليزية ودخلت القاموس دون أدنى صعوبة ويمكنني أن أجمل ملامح أدب التقرنية برغم غياب الترجمة في الآتي :1.الأدب المرتبط بالميدان والثورة إهتماَّ بالقضايا الوطنية أى مشروع الثورة الماركسي المتحرر وكانت ملامحه المباشرة والهتافية وهو ماينعكس أيضا على المكتوب بالتقري والعربية، ألَمْ سَقَّدْ تسفاي – سلمون أبَرَّّا.2.أدب مهاجر أفرزته حركة اللجوء لأروبا وأمريكا وتأثر بمناخات الواقع هناك مما أصابه ببعض التعقيد والبعد عن الجو النفسي للمكان وضعف الإرتباط .3.المكتوب المرابط وهو الأقرب إلى نفوس الناس وحيواتهم وقد إهتم بتفاصيل الحياة الإجتماعية والحب والخيانة مما شكل المزاج العام وعلى الرغم من وصفهم بخيانة قضاياهم وإنزوائهم إلاَّ أن ملكاتهم أهلتهم للظهور مجددا ومنهم المسرحي ” ود خادة”.4.الجيل الجديد وهم حقا الناهلين من كل المشارب وطارقي مدارس لحداثة والقراءة والإطلاع ومنهم سابا كيداني ، زرْئي سنَّايْ ، تدَّسي ، ملّسْ نقوس ، سلمون ترَّقي والأخير كاتب بالتقرنية ويترجم إلى العربية. أما العربية فأشير هنا إلى :1.جمال هُمَّدْ وقد إحتجبت عنّي نصوصه بغيرقصد .2.عبدالقادر حكيم رائد الهذيانات الذاتية ويتميز بطريقة دخول وخروج من دائرة السرد بتلقائية ويسر.3.عبدالجليل عبّي ، وهو في الأصل شاعرلذا فإن كتاباته سيطرت عليها الشاعرية .4.صالح جزائري ، وهو من كتاب تشريح الأزمة مثله مثل الغالي صالح ..أحمد عمر شيخ .5.فتحي عثمان وهو إريتري بماكينة سودانية ويكتب بعيداً عن الهمْ العام .6.حامد ضرار، وهو مولع بالأسلوب السهل والجمل القصيرة المدوزنة .7.إضافة إلى محمد إسماعيل أنقا وهو ينتمي إلى ” النارا”.إدريس أبَّعَرّي نموذجا : تميز صاحب مجموعة عظام من خزف :1.الأسلوب الخطابي التقريري وسطوة السياسي على الأدبي ” قصة وداعاً أيها الخندق”2.سطوع الأنا الراوي وسيطرة الحكي من خارج الحدث .3.سطوة وتسلط الخطاب السياسي والمواقف المسبقة هي ديدن أبعري في تكوين لوحاته .4.ذاكرة أبعري مليئة تماما بتفاصيل الحركة اليومية لحياة الثورة والنضال والجانب الإنساني .5.يحكي عن أجواء المدينة وخلفيات المناضلين مثلما حكى عن سارة تخلاى ” تعلمت حتى المتوسطة في مدرسة بورتيقو بأسمرا” أسرتها كاثوليكية شديدة التدين جعلت من حياتها جسرا من الصراط المستقيم بين المدرسة والبيت لازيارات لصديقات لا حفلات ، إلى ان كان ذلك الصباح ومذكرتها الصغيرة تحت المخدة والداي العزيزان إلتحقت بإخواني لاتقلقا عليّ صلّيا من أجلي ومن اجل كل أبنائكم في الغابات بنتكم المخلصة سارة تخلاي . ومنذ اليوم التالي من خروجها بدأ والدها يتبختر كلما رأى عسكريا يمر بالشارع ” !!6.وظّف إدريس أبعري الحلم للخروج من مأزق المكان ليحكي عن الشق الآخرمن الثورة والنضال أي شق التضامن الشعبي .7.أما عن سخرية إدريس أبّعرّي نتلمسها إنطلاقا من العنوان ” عظام من خزف “والإسم سخرية من سخريات الواقع المر الذي إمتلأت به القصة هؤلاء الأطباء جعلوا العظام كالخرف يعجنونها ويصنعون منها الشكل الذي يريدون ” .كما تناولت الورقة التي قدمها الأستاذ لسان الدين الخطيب إضاءات نقدية حول قصة ” الطَّلْ لايكف أبداً عن إجترار الأحزان ” للقاص الغالي صالح و “ظلمات الصيف القديم ” للقاص عبدالرحيم شنقب .الهجــــــرة أضعــــــفت الإرتبـــــــاط والكتابتــــــــة تعقيب الأستاذ أحمد أبو حازم : القصة الإرترية حسبما توافر لدينا لا يمكننا أن نقول أن ذلك يمثل المشهد الإبداعي الإرتري ولكنه يمثل جزئية وانا لا أسمي نفسي ناقداً ولكني قارئ جيد وإطلعت على بعض النصوص وخرجت بملاحظات ، وفي إعتقادي أن هذه النماذج التي لدينا ملتزمة بمثل القصة القصيرة المعروفة لدي الجميع نص / متقلي/ مبدع ، ويمكن أن نصنف هذه النصوص المتوافرة لدينا إلى ثلاثة أجزاء .1.الجزء الأول إلتزام المباشرة والهتافية والتقريرية العالية وهذا يقود إلى شروط السياق الذي كتبت فيه هذه الكتابات كنتاج للتعبير عن زمن محدد فجزء من هذه الكتابات كتب أثناء الحرب والجزء الكبيرمنها كتب بعد الحرب مباشرة حيث بدأت إرتريا بعد الإستقلال تتشكل كحالة إجتماعية وسياسية وثقافية تاريخية ومن هنا فبالضرورة أن تتلمس أشيائها بشكل إبتدائي وبالتالي فالتقريرية والهتافية ، وهذا الشكل في الكتابة لديه ظروفه بحكم أن المجتمع كله كان خارجا من ظروف الحرب والمجتمع كله بدأ بالتشكل والكتاب الإرتريون تلبسّوا دورهم الحقيقي جنبا إلى جنب السياقات الأخرى التي يمكن أن تسهم في التنوير.في عظام من خزف لإدريس أبعري الكتابة عادية وبلغة مسبطة هتافية + تقريرية ولكن الهدف الأساس والفكرة الأساسية في الكتابة لم تنحرف وعبر عنها بشكل جيد بواسطة السارد الداخلي والسارد الخارجي وقد إستطاع أن يسوق الكتابة بهذا الشكل دون أن يخل بالموضوع لأنّ الفكرة كانت عميقة وحسب إعتقادي فإن الذاكرة الإرترية مازالت هي نفسية وذاكرة المحارب ونفسية المحارب هي نفسية إنفعالية ومتوترة الجانب الآخر من النصوص مثلا قصة الكاتب عبدالرحيم شنقب فالكاتب يعتمد على شعرنة النصوص ويشتغل بشاعرية عالية جدا ويبدو أن إنفعال مابعد الحرب وتوتر مابعد الحرب بدأ بالهدوء والكتابة أضحت بشكل إنتقائي فالمفردة منتقاة والجملة أيضا ولكن الشعر أصبح غالبا على الكتابة وهذا يشكل حالة ثانية هناك حالة ثالثة وهي إعتماد الجملة المقطعية والإرشادية الصغيرة والنشطة وهده نجدها عند القاص جمال همد والقاص الغالي صالح الجملة الومضية الرشيقة والتي تفضي مباشرة إلى فضاء جديد لكنه لاينفصل عن الفضاء الذي خلفته الجملة التي سبقتها وعن الفضاء الكلي للنص .هذه الجمل وهذه الفضاءات مربوطة ببعضها بحيث أنها في آخر الأمر تقودنا إلى فضاء النص الكلي نلاحظ أيضا الإهتمام بالصورة بطريقة عالية جدا في كافة النصوص التي بحوزتنا والكاتب جمال همد في نصه ” سطوة الأسئلة ،حيرة الأجوبة ” دليل قوي على هذا الزعم حيث تتوافر في هذاالنص الجملة النشيطة والسريعة دون ان تحدث أي خلل في الفكرة الأساسية ثمَّ أنه يتوافر على شكل عالي جدا من التصوير والمشاهد السينمائية بمعنى أننا نرى مشاهد متحركة لوحة تشكيلية .والملاحظ أيضا أن جملة النصوص تلتقي حول مفاهيم متقاربة مفاهيم مابعد الحرب الإنتصار وما قبل ذلك فكانت هناك طموحات كبيرة وتطلعات غير عادية حول مستقبل إريتريا وقد إنحسر هذا الشعور بعد الإنتصار بقليل وضمرت التطلعات وهيمنت روح التسلقية وهناك شريحة كبيرة من المثقفين داخل المعتقلات وبدا التهجير والهجرة والشتات .عموما لا نستطيع الجزم بأن ما نقوم به يمثل المشهد القصصي الإريتري وهذا ليس معيارا ومقياسا أساسيا لتجربة شعب كامل ولكن العزاء يوجد ضمن عضوية النادي بعض الكتاب الإريتريين ..نأمل في المستقبل أن يفتحوا لنا منافذ واسعة حول الأدب الإريتري بشكل تعريفي وعن طريق قراءات داخل النصوص وتوفير نصوص .تعقيب عز الدين مرغني :النموذج الوحيد الذي تحصلت عليه هو الأستاذ جمال همد وأنا أعتبره من أدب الحرب أو مابعد الثورات وهو نموذج جيد للإحباط الذي يحدث بد الثورات دائما ، عندما تأكل الثورة بنيها، وهناك ادب جديد إسمه أدب الحرب بدأه الفرنسيون في معسكر بورندي وأعظم ما في قصة الأستاذ جمال والتي اسماها (الظل) إستخدام الزمن كان رائعا جدا بمعنى أنه إستخدم ثلاثة أزمنة ، الزمن الماضي والحاضر والمستقبل بل هناك ماضي الماضي وأي مقطع في قصة (الظل) للأستاذ جمال يقفز بنا إلى زمن ، فهو دائما يكتب مثلا – وحسم الأمر- ودوّت الصفعة ، وطبعا مثلما قال الأستاذ لسان الدين فإن تأثير الثقافة العربية واضح جدا في كتابة الأستاذ جمال وليس لدينا أي نموذج آخر للقراءة ولكن واضح جدا أن قبائل التماس المسلمة إستفادت من اللغة العربية لوجود التناص القرآني الخفي جدا والجميل جدا والموجود في كتابات الأستاذ جمال ، وكما يقول علماء اللغات (الشخص مزدوج اللغة) وكما جمال مزدوج اللغة فقد اجادها تماما وهو يتحكم في السرد جدا هذه الدائرة الزمنية التي تلتف من الماضي وتأتي للحاضر وترجع مرة أخرى للماضي أبدا لم تفقد القصة تماسكها بل ترجع بك إلى الحدث بطريقة تكنيكية جميلة ، بمقاطع ، وحتى في تكنيك الكتابة ذاته كما أن الطباعة في القصة الجديدة فن ، ولابد للناشر أن يكون عليما بالقص ، فالعلاقة بين قصص جمال متينة ، بين الشكل والمضمون ، وكانت إسترجاعات الماضي والعودة للحاضر ثم الرجوع مرة أخرى لم تكن عبئا على السرد أبدا ، وكان ختام القصة جميلا جدا . وكما قلت فإن عنصر الزمن لم يقد إلى الفوضى في الكتابة والقصة متماسكة جدا ودائرة الزمن تعود لدائرة النسيان . أعتقد أن القصة كانت مثال لكتابة عربية صحيحة ، أخذت من المكان عظمته وتجلياته . إشارة : في ختام المنتدى وتضامناً من نادي القصة أصدر بيانا تضامنيا مع المثقفين الإريتريين المعتقلين في سجون إريتريا . 23 نوفمبر2006م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى