مقالات

قمة الساحل والصحراء ـ لطمة في وجه اسياس : محمد نور أحمد *

19-Jun-2007

ecms

عقدت منظمة الساحل الصحراء قمتها التاسعة في مدينة سرت الليبية في الفترة من 2-3/6/2007م ، واتخذت قراراً بدعم الحكومة الصومالية الانتقالية وإرسال قوات افريقية للمساعدة في ضبط الأمن في البلاد ،

القمة التاسعة غاب عنها اسياس رئيس دولة إرتريا وهي عضو شبه مؤسس لهذه المنظمة وهذه القمة ، لذا ثمة أسئلة تثور هنا ، وهي لماذا لم يحضر اسياس القمة وهو الذي تعود زيارة ليبيا بمناسبة وغير مناسبة ؟ وهل كان يتوقع النتيجة التي تمخضت عنها بالنسبة للصومال ، وماذا تعني هذه النتيجة لنظام أسمرا ؟. من المؤكد أن اسياس علم بالنتيجة مقدماً لأن نظام الساحل والصحراء يقوم على سكرتارية تحضر جدول الأعمال للاجتماعات مرتبة الموضوعات حسب أولوياتها كما تراها ، ويتم مناقشة هذا الجدول وتثبيته على مستوى السفراء ثم وزراء الخارجية ، وتقدم إلى القمة في صياغتها النهائية لإقرارها ، ومما لاشك فيه أن ممثلي نظام أسياس كانوا على المستويين الأولى والوسط يتابعون عن كثب الاتجاه الذي سارت فيه قضية الصومال من أول خطوة ، لذلك فإن حضور اسياس للقمة في هذه الحالة يفترض فيه موقفين من هذه القضية وهما : إما الوقوف ضد التيار وستكون لذلك نتائج سلبية ، فالرجل سيظهر أمام بقية الأعضاء مؤيد للمحاكم الشرعية أي التطرف الديني حسب التهمة الموجهة للمحاكم ، وهيمنة قبيلة واحدة مهما تدثرت برداء الدين فالمعروف أن الصومال الآن مقسم إلى دويلات تقوم على القبائل وهي ( صومالي لاند ) وتشكل قبيلة الإسحاق نسبة لا تقل عن 90% من سكانها و الـ ( بونت لاند ) وهي تقوم على قبيلة المجرتين وهي جزء من قبيلة الدارود الكبيرة ، و(جوبالاند ) وتتكون من خليط من القبائل وإن كان أغلبية سكانها من قبيلة المريحان والأوغادين وهما فرعين من الدارود ثم هنالك دولة المحاكم والأغلبية الساحقة من سكانها من قبيلة الهوية بفرعيها ألإبقال والهبرقدر وهنالك قبيلة الرحوين وهي جزء من تحالف الحكومة الانتقالية وكانت عاصمتها ( بيدوا ) وهي المقر المؤقت للحكومة الانتقالية قبل الانتقال إلى مقديشو بعد هزيمة المحاكم أمام تحالف القوات الإثيوبية وقوات الحكومة الانتقالية ، هنالك أيضاً عدة قبائل صغيرة لا تستطيع ترجيح أيه كفة تنضم إليها . الخيار الآخر المتاح أما الرئيس اسياس هو أن يتناقض مع نفسه ويساير الأغلبية وهو موفق انتهازي ليس مكشوف فحسب بل مذل أيضاً ، لهذا فضل أسياس التواري عن الأنظار ومن هنا يتضح لنا أن الرئيس الإرتري يبني سياساته ليس على دراسة لعلاقات القوى في الزمان والمكان ومدى ارتباطهما بمصالح بلده ، وإنما على مغامرات يغلب عليها المزاج وفقدان الرؤية للنتائج أو مكايدات سياسية للإمساك بما يعتقدها أوراق رابحة لحماية نظامه سواء لإضعاف من يعتقدهم خصوماً ، أو على الأقل للضغط عليهم لمنعهم من دعم المعارضة الإرترية ، أو للحصول على أموال لحقن اقتصادها المتردي ، هذا هو المسلك الذي درج عليه الذي درج عليه نظام أسياس في سياسته الخارجية طوال السنوات الماضية من الاستقلال ، لكن الذي لم يفطن إليه اسياس في الآونة الأخيرة ه المواجهة ليست مع دول الجوار وإنما مع قوى عظمى عبأت إمكاناتها منذ 11/9/2001م ضد ما تسميه الإرهاب الديني وأقامت في مواجهة ذلك أحلافاً في مناطق مختلفة وكان قد سبق ذلك حلف القرن الأفريقي الذي ضم كل من ارتريا وأثيوبيا ورواندا وأوغندا وبالطبع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة ما كان يسمى حينذاك بالمشروع الحضاري في السودان إلا أن أسياس أجهض مشروع هذا الحلف عندما شن هجومه في 6/5/1998م على بلدة بادمي التي كان متنازعاً عليها بين جبهة التحرير الإرترية والجبهة الشعبية لتحرير تغراى والتي بدأت الأخيرة إدارتها منذ الهزيمة العسكرية لجبهة التحرير الإرترية على يد تحالف الجبهتين الشعبيتين لتحرير إرتريا وتغراى وخروج جبهة التحرير من الساحة العسكرية الإرترية ، ولم تكن لبادمي تلك الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية التي تتطلب احتلالها بالقوة ليدفع الشعب الإرتري ذلك الثمن الباهظ التكاليف لكن اسياس كان قد شعر بعد محاولات عده بعجزه عن إملاء آرائه وإرادته على القيادة الإثيوبية التي كان يحس بأنها مدينة إليه بالوصول إلى السلطة وكان عليه من جهة أخرى أن يتنصل من التزام حزبه عن تطبيق الدستور المصادق عليه على علاته لأنه كان يخشى من إطلاق الحريات الأساسية التي ينص عليها الدستور لكن ذلك كان يتطلب تقديم مبررات قوية من الشعب الإرتري وكان الشعب يعيش أفراح الاستقلال وعواطفه الوطنية مشحونة إلى أقصى درجة فكانت الحرب بحجة استرداد السيادة على مناطق إرترية محتله كما زعمت وسائط الإعلام حينذاك فجر ذلك التصرف على البلاد كوارث الله وحده يعلم متى ستتخلص البلاد من تبعاتها .إن قرار الساحل والصحراء بتأييد الحكومة الصومالية ومدها بمعينات الاستمرار في مختلف المناحي هو بلا شك ضرة دبلوماسية موجعة وستكون بداية فك الارتباط بين القذافي وأسياس وهو ارتباط قام على النفاق من جانب واحد ه جانب أسياس إلى درجة أنه زعم له بأن ترجم الكتاب الأخضر إلى التجرنية وأن حدث ذلك ليس لنشره في أوساط الشعب الإرتري كنظرية حكم وإنما لكسب ود القذافي وأنا شخصياً أشك في أن مواطناً إرتريا حتى بين أوساط المثقفين إغتني منه نسخة لو من باب حب الاستطلاع ن فما زال تحالف القذافي مع منغستو لضرب الثورة الإرترية وتبرعه بمبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكي لشاء الأسلحة السوفيتية لذلك الغرض ماثل في ذاكرة الشعب الإرتري ولم يحاول القذافي محو هذه الصورة بعد الاستقلال بالمساهمة في إعادة بناء البلاد التي دمرتها حرب الثلاثين عاماً بل ضاعف من قبح هذه الصورة بعمليات ترحيل الهاربين من النظام وتسليمهم لجلادهم وأكتفي بالعلاقة الشخصية مع أبو إبراهيم أو بالأصح أبو أبراهام يبادله اسياس بمناداته بالقائد حسبما أوردت جريدة الوطن الصادرة بتاريخ 8/6/2007م . هل يعتبر قرار قمة سرت التي لم يحضرها اسياس بداية للعد التنازلي فالعلاقة بين الرجلين ، وهل سيضيف اسياس قراراً جديداً إلى قراراته الطائشة الكثيرة بانسحابه من منظمة الساحل والصحراء بحجة أنها أصبحت أداة أمريكية لضرب مصالح الشعوب ، ننتظر ما ستكشف عنه الأيام القادمة .* السفير الإرتري السابق بالصين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى